IMLebanon

هل يُعقل؟

 

هل يُعقل أن تكون الدولة كلها عاجزة عن وضع حدّ لفلتان الدولار على حساب عملتنا الوطنية؟!. وهل فعلاً أن الليرة اللبنانية لم يعد لها أي مقومات صمود وأضحى انهيارها متمادياً، فلا تستطيع أن ترسوَ على سعرٍ واحدٍ أربعاً وعشرين ساعة؟ فقط أربعٌ وعشرون ساعة؟ وهل فقدت ليرتنا عناصر المناعة كلّها فإذا هي ورقة (مجرّد ورقة!) في مهبّ الريح؟!.

 

موجعٌ هذا الواقع.

 

إنها حقيقةٌ مؤسفة، بل مؤلمة ولسنا في وارد تحديد المسؤوليات، فالناس تأكل مواد غذائية تدفع ثمنها غالياً، ولا تُشبعها إتهامات متبادلة وتراشقٌ في: من المسؤول؟

 

وأيضاً لا نريد أن ندخل في نظرية المؤامرة. فإذا كان هناك، حقاً، مؤامرة على الليرة وعلى البلاد والعباد، فتفضلوا وأطلعونا عليها بالأسماء والأرقام وليس بصفّ الحكي والتنظير.

 

إن العملة الوطنية، أيّ عملة وطنية، بحاجة إلى ركائز صمود معروفة وهي التغطية إن بالمعادن الثمينة (كالذهب) أو بالإقتصاد المتين، أو بما تختزنه أرضها من ثروات، أو بالسياحة المزدهرة، أو بالاستقرار الوطني، أو بنزاهة المسؤولين، أو بصيانة المال العام … أو بهذه كلّها.

 

والواقع أنّ إقتصادنا على الحضيض، وهو يعاني في قطاعاته كافةً من دون إستثناء، وبالذات في الصناعة غير القادرة على المنافسة لأسباب عديدة ليس الآن وقت الخوض فيها وتعدادها، وأيضاً في السياحة التي كانت مورداً رافداً للدخل القومي بقوّة فباتت عبئاً على البلد ليس في زمن كورونا فحسب بل أيضاً منذ ما قبل 17 تشرين. وهنا الأسباب معروفة وأهمّها قاطبةً عدم توافر المناخ والأجواء لإستقبال السياح خصوصاً العرب وتحديداً الخليجيون منهم، والعكس صحيح فهناك ما ينفّرهم ويبعدهم… ما دفع ببلدانهم إلى قرارات قاسية بعضها وصل إلى حدّ حظر سفر الرعايا إلى لبنان. ثمّ هناك العبء الذي يحمله هذا الوطن بإستضافته النازحين، وهو أكبر وأثقل بكثير مما يستطيع كاهله المتعَب والمرهَق أساساً من قدرة على الإحتمال.

 

إلا أن الأهمّ من ذلك كله مزاريبُ الهدر والنهب جرّاء الفساد الذي ضرب أطنابه في مختلف القطاعات والمرافق فكانت الثروات الهائلة التي بُنيَت من المال العام، إذ يدخل الواحد إلى المسؤولية العامة «طفران» ليتحوّل بين ليلة وضحاها إلى صاحب ثروة خرافية من دون أن يرفّ له جفن. ومن أسفٍ كبير أن الجميع يتحدّث عن الفساد، والكلّ يتبادل الإتهامات، وتعلو العقيرة بالصياح، إلا أن أحداً لم يُزَجّ به في السجن ليُحكم بردّ الأموال العامة، هذا إذا ثبُتت إرتكاباته وفساده… ونحن لسنا من الذين يُطلقون الإتهامات جزافاً، يميناً ويساراً، لذلك نُريد أن يكون القضاء المختصّ على قدر المسؤولية، فيحزم أمره، ولا يأخذ بالشائعات إنما يبني أحكامه، باسم هذا الشعب المقهور، بالإدانة أو التبرئة، على الوقائع الثبوتية. وليس من عاقل لا يُريد القضاء العادل.

 

وبعد… وأمام هذا الواقع المؤلم نفهم كيف يمضي الدولار صعوداً ليصل ربما إلى خمسة آلاف ليرة، وليته يقف هناك.