من سخريات منح حكومة الدكتور حسان دياب الثّقة بالأمس أنّ المعارضين لها بل الرّافضين لها تسلّلوا إلى المجلس النيابي ليأمّنوا النّصاب لجلسة قطعت الثورة الطريق على المجلس النيابي علّها تنجح في منع فرضها على اللبنانيين في هذه اللحظة المصيريّة، ولكن حضر الجيش اللبناني وقوات مكافحة الشغب وتصدوا للشعب اللبناني في الطرقات قمعوه بعنف وحموْا ظهر المجلس ونوابه!!
مشهد الأمس تحت قبّة البرلمان صورة مخجلة لنوّاب لا يمثّلون الشعب الذي انتخبهم، لقد أنجز رئيس مجلس النواب وبمهارة كالعادة جلسة منح ثقة «كيفما دار الحال»، نحن في بلدٌ غارق وعلى جميع المستويات، والأفق اللبناني مسدود بلد يشبه مغارة نهب منظّم، فماذا ستفعل حكومة بلا خبرة ولا تجربة مع هكذا مغارة، من المؤسف أنّه لا بدّ لنا من القول إنّ الذين يتولون أمور اللبنانيين «مافيا» مدرّبة على نهب ثروات الشعب، ولن تغادر هذه الطبقة السياسيّة الحكم إلا بعد إفلاس البلد وانهياره التامّ، والحقّ يقال أنّه لا حلّ ولا أمل للبنان إلا بالإنهيار!
مجدداً سيجد اللبنانيّون أنفسهم مجبرين على خوض تجربة فرصة جديدة لحكومة كائناً ما كان نوعها، وسيكون مصير هذه التجربة الفشل الحتمي والانهيار الكامل، لأنّ كلّ ما قلناه في الحكومة التي سبقتها يصحّ فيها بأنّها لا تملك أصلاً برنامج إنقاذ وأنّها لا تملك مشاريع تنهض بالبلد، وأننا لا نصدّق أبداً الـ presentation الأكاديميّة التي قدّمها رئيسها الأكاديمي، ونعلم يقيناً أنّه رهينة «الثنائية الشيعيّة» التي جاءت به، وأنّه محكوم لما ستمليه عليه من سياسات تناسب حزب الله ومآزقه الكثيرة!
بالأمس تأكّد اللبنانيّون أنّ الجميع متواطئون ومنخرطون في لعبة هذه الحكومة وتحكمهم الرّغبة القاتلة في المحاصصة، وأنّ البلد ما يزال محكوماً حتى الانهيار بالوزير جبران باسيل و»خليليْ» الثنائيّة الشيعيّة، هذه حكومة الشعب والشارع اللبناني ضدها ومشهد الأمس رسالة مدويّة للدول المعنيّة بأنّ ما يحدث ليس أكثر من إصرار على الاستمرار في سياسة تضييع الوقت اللبناني، وأنّ هؤلاء الساسة اللبنانيّون كاذبون بامتياز بل مدرّبون على الكذب على الشعب وعلى دول العالم!!
لم يتبقَّ من لبنان سوى ركن السياسة الماليّة والمصارف، ولن يترك حزب الله الأمر على حاله فهو يخوض حرب شعواء على حاكم مصرف لبنان تصل إلى حدّ الإغتيال، في وقت استيقظ فيه اللبنانيّون على فاجعة تسوّل جنى عمرهم على كونتوارات المصارف، لا يملك لبنان ترف منح «فرصة» مجدّداً لرئيس حكومة لا يملك حيثيّة ما تتيح له أن يخاطب دول العالم للتعاون معه لإنقاذ لبنان، ولا يملك حتى تصوّراً أو رؤية لكيفيّة إنقاذ الوضع الاقتصادي والمالي، لينقذ ما تبقّى لإنقاذه من بقايا انهيار الهيكل اللبناني على رؤوس الجميع!
وقت «الفرص» و»التجريب» و»توزيع الوهم» على الشعب اللبناني قد نفد، ومع هذا لا يريد أحد أن يتصرّف على قدر هذه المسؤوليّة!! هل تذكرون عندما طمأن رئيس البلاد زوّاره قبل أشهر قائلاً «لن أترك لبنان يسقط»، نحن الآن في قعر السقوط، لم يسأل أحد يومها فخامته كيف ولا ما هي خطته لإنقاذ البلاد؟ في هذا الوقت المزري من تاريخ لبنان وأزماته الكثيرة ننتظر أن يجد اللبنانيون من يأخذهم على محمل الجدّ ويحترم عقولهم وأن يصارحهم بعيداً عن «العناوين العامّة» الواهية، التي لا تزيد الأمور إلا غموضاً!!