هنيئاً للشعوب والدول، ولكل مَنْ لا يحتاج إلى مساعدة من أميركا في يوم من الأيام، عسكريّة كانت أم سياسيّة أم مالية أم معنوية. وإلا، فإن الخيبة في انتظاره خلف الباب كما التخلّي عنه في ليلة لا قمر فيها ولا نجوم.
ومَنْ يحتاج إلى شاهد حيّ، لا يزال يُعالج ما حلَّ به من مصائب نتيجة حاجته في ساعة تخلٍّ إلى مساعدة أميركية، فها هو لبنان بفراغه الرئاسي والشلل الاقتصادي الذي يُسربله مع تعطيل كل مؤسساته جاهزٌ للإدلاء بإفادته الصادقة من غير أن يُقسم اليمين.
فحالته الحاضرة التي تتفرّج عليها واشنطن منذ أعوام وعقود تُغني عن كل شرح في هذا الصدد…
في كل حال، ها هي أميركا ذاتها التي لا يثق بها حتى أقرب الشعوب والدول إليها تقدِّم النموذج الأميركي ذاته، وبفشل ذريع، في سوريا والعراق وليبيا واليمن وحتى في مصر، ناهيك بلبنان وفيتنام وخليج الخنازير بين ميامي وكوبا وأفغانستان… وفي كل مكان وطَأته أساطيل الدولة العظمى التي لا تفي بوعد، ولا تصمد مع حليف، ولا تحلِب صافياً مع مَنْ تزجّه وعودها في ورْطة.
لقد تمزّق العراق بفضل ذيول الغزوة الأميركية التي شنّها الرئيس جورج دبليو بوش. وتمزّقت سوريا لاحقاً نتيجة سياسة اللاسياسة واللاقرار التي اتخذها الرئيس باراك أوباما، واضطرته إلى أن يغيّر قراراته ثلاث مرات في النهار الواحد أحيانا.
على رغم ذلك، صبّت الإدارة الأميركية جامَ غضبها على الجيش العراقي المُشرذم، والمنتوف الريش، والمجرّد من أي سلاح صالح للحروب الفعلية، كونه لم يكن عند حسن ظنّها في القتال ضد “داعش”، وحيث لم تتحرّك مقاتلات التحالف الدولي طوال الفترة التي استغرقها مقاتلو “داعش” لاحتلال الرمادي.
الأميركيون مصرّون على أن الجيش العراقي مسؤول للغاية، فهو أظهر للملأ عدم استعداده للقتال ضد جيوش “الدولة الاسلامية”، فيما أكدت دول الخليج ودول أوروبية أن الغارات التي “ينقّطها” التحالف الدولي على نمط التجوال السياحي لا تُخيف “داعش”، وغير صالحة لاسترداد الرمادي والموصل، ولا هي مؤهّلة لإعادة اللُحمة إلى الجغرافيا العراقية أو السورية.
و”النيويورك تايمس” من هذا الرأي. فهي ترى أن سياسة الحذر الشديد التي تُمارسها واشنطن تجاه الوضع في العراق وسوريا، وربما في اليمن لاحقاً وشتى أرجاء المنطقة العربية، وتحت عناوين وحجج واهية تجسّد الأسباب الفعلية التي أدّت إلى فشل استراتيجية، أو لا استراتيجية، إدارة الرئيس باراك أوباما إزاء حروب “داعش” وانتصاراتها.
إلاّ أن صحيفة “الغارديان”، وبعيداً من “لا سياسة ولا استراتيجية أميركية”، ترى أن “داعش” لن تستطيع تحويل “الدولة الإسلامية” دولة حقيقية، واسماً على مسمّى، “فمصيرها إلى الزوال”.