بعدما فشلت الحركة الخارجية في إجتراح حلول لأزمة الرئاسة
تضافر جهود داخلية للتعجيل في بدء حوار المستقبل – حزب الله
أكثر من جهة على صلة بـ «المستقبل» تستبعد أن يثمر الحوار طالما حزب الله يرفض التخلي عن عون
بعدما انسدّت كل الأفق أمام المساعي الدولية والجهود المحلية لاجتراح حلول تقفل ملف الرئاسة الأولى بانتخاب رئيس يكون متوافقاً عليه من كل الأطراف الفاعلة على الساحة الداخلية، ومن المرجعين الإقليميين إيران والمملكة العربية السعودية إنصبّ الاهتمام على مصير الحوار المقترح بين تيار المستقبل والخلفيات التي أدّت الى تباطؤ الاتصالات والمشاورات لبدئه بين الفريقين، بالتزامن مع تجدّد مساعي الوسطاء كالرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط لإزاحة السواتر بين الفريقين التي ما زالت وفق ما أجمعت عليه المعلومات تؤخّر انعقاده، ويبدو أن هذه المساعي أثمرت حتى الآن شبه اتفاق على إزاح المطبات من أمام الأجندة التي يجب أن يرتكز إليها الحوار بين الطرفين وذلك استناداً الى ما أعلنه مؤخراً الرئيس بري عن توقعه بأن يبدأ الحوار في الفترة الواقعة بين عيدي الميلاد ورأس السنة، أي بعد الخامس والعشرين من الشهر الجاري وقبل نهايته.
لكن أكثر من جهة على صلة بتيار المستقبل مازالت حتى الساعة تستبعد أن يثمر هذا الحوار في حال حصوله عن أي اتفاق يتعلق بالاستحقاق الرئاسي طالما أن حزب الله لا يزال يتمسك بالنائب ميشال عون ويرفض التخلي عنه لمصلحة رئيس توافقي وثمّة في هذا الطرف من يرى أن حزب الله بموافقته على الدخول في حوار مع تيار المستقبل إنما يهدف الى كسب مزيد من الوقت، لمعرفة ما يمكن أن تؤول إليه التحولات التي تحصل في المنطقة الممتدة من العراق الى سوريا ومن اليمن الى ليبيا التي دخلت هي الأخرى في حرب أهلية وفق ما اتفق المراقبون على توصيف ما يجري في هذا البلد.
ويسود نفس الاعتقاد عند فريق الثامن من آذار مع تغييرات طفيفة ومفاده أن لا جدوى من هذا اللقاء إذا كان الاستحقاق الرئاسي سيطرح بنداً أساسياً على جدول الأعمال ما دام حزب الله لن يتخلى عن ترشح النائب عون لرئاسة الجمهورية وسيطرح هذا الأمر على محاوره ويقترح الحوار مع رئيس التيار الوطني الحر في موضوع الاستحقاق الرئاسي وهو مستعد للقبول بما يقبل به حليفه على هذا الصعيد، ما يعني أن حظوظ التوصل الى اتفاق حول الاستحقاق الرئاسي ما زالت معدومة ولا أحد يستطيع أن يتأمل في أن يحصل أي تغيير أو تبديل في موقف الحزب من هذا الأمر، وهذا من شأنه أن يوقف الحوار المزمع بدئه عند هذه الحدود ويعود كل فريق الى الموقع الذي انطلق منه.. لكن استمرار الخلاف على الاستحقاق الرئاسي لا يعني أن لا فائدة من هذا الحوار على صعيد تخفيف الاحتقان السني – الشيعي الذي بلغ الذروة وابتعاد الفريقين عن الخطاب التحريضي الذي يزيد اتساع وعمق الحوار بين الطائفتين، وهذا بحد ذاته يعتبر إنجازاً مهماً إذا كانت الظروف في نظر الطرفين أو أحدهما لم تنضج بعد لانتخاب رئيس جمهورية، ولا ضير في إبقاء هذا الملف مفتوحاً الى أن تصبح ظروفه ناضجة خصوصاً وأنه لا خوف على الاستقرار الأمني في البلاد في ظل وجود حكومة متماسكة وتضم كل أفرقاء الساحة الداخلية تضطلع بمسؤولياتها على الوجه المطلوب، حيث تمكنت حتى الآن من تجاوز العديد من المطبات التي واجهتها وأثبتت تماسكها ما من شأنه أن يخلق مساحة إضافية أمام اللبنانيين للتحاور فيما بينهم حول المواضيع الخلافية ومنها على سبيل المثال لا الحصر انتخاب رئيس جمهورية بالتوافق بين كل الأطراف الفاعلة على الساحة الداخلية وبتأييد المجتمع الدولي الذي ما زالت عينه على هذا البلد ويقوم بعمل دؤوب للمحافظة أولاً على استقراره وثانياً على انتظام مؤسساته بدءاً بانتخاب رئيس للدولة، وظهر ذلك في الورشة الدولية التي شهدها اللبنانيون في الأسبوعين الماضيين والتي تجلّت بزيارة نائب وزير الخارجية الروسي بوغدانوف و زيارة المسؤول الفرنسي عن الشرق الأوسط فرانسو جيرو بالإضافة الى حركة السفير البابوي وزيارة نائب الأمين العام للأمم المتحدة ومن ثمّ السفير الأميركي الذي عبّر عن رغبة بلاده في ضرورة تغلّب اللبنانيين على مشاكلهم الداخلية والاسراع في ملء الفراغ في سدة الرئاسة الأولى لأن ذلك يسهل على اللبنانيين مواجهة كل التحديات الراهنة ولا سيما تحدي الأزمة السورية التي تكاد أن تشكل العبء الأكبر على جميع اللبنانيين بعد دخول التطرف الى الداخل اللبناني من خلال جبهتي النصرة وداعش القريبتين جداً من الحدود الشمالية والشرقية للبنان والتي شغلت الجيش اللبناني عن مهام أخرى تتطلب منه حضوراً قوياً إضافة الى الزيارة التي بدأها أمس الوزير البريطاني المفوض بشؤون الشرق الأوسط نائب وزير الخارجية توبلاس مارن الوود والتي تصب في إطار الجهود الغربية التي تبذل منذ فترة طويلة لإقناع القيادات اللبنانية بأن تتخلى عن رهاناتها الخارجية وتتوافق في ما بينها على انتخاب رئيس للبلاد قبل أن يسقط الهيكل على الجميع.
والملاحظ في ظل الأجواء السائدة أن لا أحد من القيادات اللبنانية ضد أن يبدأ الحوار بين المستقبل وحزب الله كونه يملأ الفراغ على الساحة في ظل انعدام الرؤية عند الكثير من اللبنانيين.