Site icon IMLebanon

تعالوا نحلم

 

إذا كان محظّراً علينا، حتى إشعار آخر، أن نعيش حياة طبيعية في وطننا فليؤذن لنا أن نحلم بعيشة مثل تلك التي تنعم بها سائر الشعوب المتقدّمة. فنحن، اللبنانيين، لنا الحق في الحياة الكريمة، لأننا لسنا نتاج اليوم، إنما نحن سليلو أولئك الذين أعطوا هذا اللبنان هويته الفريدة بين شعوب المنطقة. فقد نال وطننا الإستقلال قبل معظم بلدان الشرق (الأدنى والأوسط والأقصى).  وابتكرنا نظاماً ديموقراطياً وسط أنظمة كانت ولا تزال توتاليتارية، يتحكم في كل منها فرد هو «نصف إله» إن لم يكن «إلهاً بشرياً» كامل الأوصاف.

 

مع مطلع العام الميلادي الجديد، تعالوا نحلم:

 

بسنة 2019 مختلفة كلياً عن سنة 2018 التي نودّع اليوم غير مأسوف عليها بعدما كان عنوانها الرئيس: العجز. فقد عجزنا عن حل أي واحدة من أزماتنا ومشاكلنا: من الكهرباء الى النفايات، ومن الإقتصاد الى الحكومة، وما بين هذه وتلك من قضايا ومشاكل وأزمات ومآزق إزدادت ورماً وتفاقماً وكادت أن  توصل اللبنانيين، خصوصاً الجيل الشاب منهم، الى اليأس والكفر.

 

فتعالوا نحلم بأننا في العام المقبل سنصل الى تيار كهربائي (… «الدولة» وليس «المولدات») 24  على 24.

 

وبأنّ مياهنا الجوفية (ينابيع وأنهاراً ومختزنات) عادت رقراقة صافية «مثل عين الديك» فلا البردوني تخلّى عنه الشعراء بأروع قصائدهم، ولا الليطاني سيبقى مستنقعاً للسموم!

 

وبأنّ حلاً صديقاً للبيئة أنهى أزمة النفايات التي باتت، من أسف شديد، مزمنة بكل ما تثير وينتج عنها من مضار صحية وبيئية مروّعة.

 

وبأنّ أهل السياسة قرّروا عدم التدخل في القضاء.

 

وبأن بعض «الجامعات» (لسنا ندري من رخص لهذه الدكاكين أن تكون «زميلة» لجامعات: الأميركية واليسوعية واللبنانية وهارفرد وستانفورد وأوكسفورد وكمبردج و…) بأن هذه الدكاكين توقفت عن تزوير الشهادات وبأنها رفعت من مستواها العلمي.

 

وبأننا سنعيش يوماً لا يقع فيه قتلى وجرحى في حوادث السير.

 

وبأن آفة المخدّرات باتت عاجزة عن إقتحام أبواب المدارس والجامعات.

 

وبأنّ الإعتداء سيتوقف على الجيش وسائر القوى الأمنية والعسكرية التي تقوم بواجباتها في بعض أنحاء البقاع وسواها.

 

وبأنه باتت عندنا حكومة همُّ أعضائها جميعاً التمثل بأعضاء الحكومات في أرقى بلدان العالم: هم في خدمة البلاد والعباد وليسوا في مواقع تشريفية وحسب! (…).

 

هناك شبه إجماع لدى الفلاسفة على الإعتقاد بأن لكل حلم نواة «حسيّة».

 

وقد إهتم عالم الإجتماع وعلم النفس الشهير فرويد بأن للحلم «صورة في الحاسة التي نتكلم فيها عن الصورة»… أما «برغسون» فكان يعتقد بأن للحلم «بعضاً من الإحساس الفعلي».

 

وفي منأى عن المذاهب الفلسفية المتعددة جداً التي تربط الحلم بالإحساس الواقعي، فإننا نلتقي مع ما كان يشدّد عليه الكبير المرحوم سعيد عقل بقوله: «لا نتاج لمن لا يحلم». فمن هذا المنطلق نأمل بإثنين: الأول – أن يشاركنا المسؤولون والسياسيون في حلمنا. والثاني – أن لا تكون أمانينا مجرّد أضغاث احلام!