يحتاج اللبنانيّون إلى جرعات هائلة من الأمل، وأن يصدّقوا هذا الأمل لأنّهم اعتادوا أنّ ثمة لصوص ينجحون في كل مرة بسرقة آمالهم وقلب تفاؤلهم إلى تشاؤم بفعل تراكم الملفات السوداوية التي تحاصر يومياتهم، تنفجر في وجوهنا تقارير لتؤكّد أنّنا نحتل المرتبة الأولى في الإصابة بمرض السرطان يتناقل اللبنانيّون الخبر عبر السوشيل ميديا كأنّه يتحدّث عن شعب آخر، وكلّ ما حولنا يؤكّد أننا ذاهبون إلى أكثر من هذا كلّ ما يحيط بنا ملوّث عبر سياسة المحارق والمطامر والكسارات ومداخن مصانع الترابة والكهرباء والمياه الملوثّة من الأنهار إلى حنفيّات البيوت، قد نكون شعباً يتواطأ على نفسه أكثر مما تتواطأ عليه منظومة الفساد المتوحشّة!
الريبورتاجات الإخباريّة عن الرائحة الكريهة المنبعثة من المياه في حنفيّات الضاحيّة الجنوبية وتفيد العينات العشوائية أنّها مختلطة بالبراز، فلا نسمع صوتاً لبنانيّاً واحداً يرتفع في وجه هذه الفضيحة، هل يراهن المتوحشون الذين يفترسون يوميات اللبنانيين على صمت هذا الشعب الذي يظهر لامبالاة بما يحدث من حوله!!
هل نحن فعلاً شعب ساذج، سواءً بمعناها الإيجابي «طيّب القلب والنيّة» أم بمعناها المُهين «أًهْبَلُ، أَبْلَدُ، أَبْلَه، أَحْمَق، أَخْرَق، بَسِيط، بَلِيد، غَبِيّ، غَرِير، مُغَفَّل»؟! أغلب الظنّ أننا أصبحنا شعباً كـ»الثور الأعمى يدور حول الساقية»، حتى هذا «الثّور» له عذره وقد وضعت على عينه غمامة حتى لا يدوخ، ونحن «ندور وندوخ» ومن دون «كلمة ولا بزمة»، المشكلة ليست في الذين يتفرعنون على هذا الشعب، المشكلة فينا كشعب، نحن أسوأ من هؤلاء الذين يقضون على البقيّة الباقية من قدرتنا على الحياة، ونحن نتفرّج، ليس أكثر، هل نحن مصابون بالحالة «الثوريّة»، من «الثّوْر» لا «الثّورة»، أم أنّنا أصبحنا كشعب ينطبق علينا المثل «الجوْر ما بيحملوا إلا التّور»لأننا نتحمّل كل هذا الواقع الجائر وقد استسلمنا له عن طيب خاطر!
يعيش اللبنانيون في قعرٍ مثقوب، لا تهدأ في قعره أيّ ذرّة أمل لا بيوم لبنان ولا بغده القريب ولا البعيد أيضاً، ثمة حقيقة يتيمة تفرض نفسها على هذا الواقع بأنّ أيّ موجة تفاؤل يجري بثّها في صدور اللبنانيين بعد ساعات قليلة هناك من يتعهّد بإجهاضها، والماضون في تيئيس النّاس يتّكلون على أمر واحد هو صمت اللبنانيين العميق!
ميرڤت سيوفي