بين ربط سلام والرهان على 24 ت2
كوميديا البحث عن الرئيس في مجاهل المصالح الغربية – الإيرانية!
من المؤكّد أن ربط الرئيس تمام سلام مسألة الرئاسة اللبنانية بمدى ما يمكن أن يحرزه التفاوض بشأن الملف النووي الإيراني، والذي كان يجري مع الولايات المتحدة الأميركية والإتحاد الأوروبي في بلد خليجي، يعدّ نفسه محايداً (سلطنة عُمان) جاء في محلّه الصحيح، لأسباب هو لم يفصح عنها، على نحو مباشر، في المقابلة التي أجرتها معه إحدى وكالات الأنباء الدولية المرموقة، بصرف النظر عن انتقاد ضمني أو علني، تعرّض له، من هذا الشخص أو ذاك أو من هذه الكتلة أو تلك..
كشف السؤال عن مصير انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية عن اهتمام إعلامي ودبلوماسي، وسياسي، محلي، ودولي وإقليمي، من زاوية بأن بداية حلّ التأزمات اللبنانية، المتشابكة، والمتداخلة، مع معطيات الصراع الدائرة في الإقليم، وما بعده على مستوى مواقع النفوذ والسيطرة والمصالح الكبرى في الاستراتيجية والأمن والاقتصاد والسياسة، وصولاً الى الإيديولوجيات الدينية والفلسفية..
أحدثت تحركات البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، إرتجاجات مسيحية، ونيابية وسياسية، لم تتعدّ في المبدأ، ما يمكن وصفه بالقلق أو الإستياء، أو التطنيش، أو التبرير، ورمي المسؤولية على الآخر، على الطريقة اللبنانية، ذات الصبغة الكوميدية، المضحكة، والمبكية في آنٍ معاً..
وخارج «اللعبة الدعائية» التشغيلية، التي اشتهر بها الرئيس نبيه بري، منذ أن احتل موقع الرئاسة الثانية، وتكرّس باتجاه ربع قرن من التربّع على المجلس النيابي، ذات السلطة الوازنة، المرجحة في نظام ما بعد الطائف، قذف رئيس المجلس غداة جلسة التمديد مباشرة بكمية من المعلومات التي تكتّم على مصادرها، حول أن الأجواء آخذة باتجاه الإيجابية، على صعيد انتخاب رئيس للجمهورية..
لم تحفل الأوساط الدبلوماسية أو الروحية، وحتى النيابية بما نُسب الى رئيس المجلس في لقاء الأربعاء الماضي، وبعده، فهذا يُحيل الرأي العام الى عين التينة، وهذا يكتفي بابتسامة صفراء، وآخر بتصريح «أخضر».. ولا حاجة لذكر الباقي..
كان الحاج حسين خليل المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله في الرابية، يُجري جلسة ترميم ثقة مع النائب ميشال عون، بعد التمديد للمجلس النيابي، عندما سُئل عمّا إذا كان يشاطر الرئيس بري معطياته تجاه انتخابات الرئاسة، لكن الثابت أن ما فعله في الرابية، كان يتعلّق بنقل رسالة تطمين قوية الوثوقية من الأمين العام لحزب الله، مؤداها أن الحزب، لن يضع على طاولة أي حوار مُزمع إجراؤه مع تيار المستقبل، رأس العماد عون الرئاسي على طاولة البحث، وإن حصل، فلن يكون إلّا من زاوية تشجيع المستقبل، و14 آذار على إجراء حوار مع عون، إمّا للوقوف على برنامجه، ورؤاه، وإمّا للتفاهم معه على الرئيس أو الاستماع الى مَنْ يُرشّح، لو صرف هو شخصياً النظر عن معركة الرئاسة، لمصلحة من يرجّحه أو يسمّيه..
في هذا الوقت، كانت الدوائر الدبلوماسية في بيروت، تبحث عن أجوبة صحيحة، ومُقنعة، تُرسل بها الى بلدانها، عمّا يحدث على صعيد هذا الحراك الرئاسي، لا سيّما من الدول أو تلك التي تمتلك ناصية المبادرة أو القرار، أو حتى التأثير دعماً أو عرقلة..
على صعيد المقاربة هذه، لا يوارب مرجع أمني رفيع الحقيقة، عندما يردّد في مجالسه أن الاستحقاق الرئاسي طويل، ويعزو سبب تشاؤمه هذا الى:
1- العجز اللبناني الواضح عن التفاهم على انتخاب رئيس بعينه، وليس للمشاركة في جلسة الانتخاب. ويمضي المرجع الى التأكيد من دون لفّ ودوران أن اللبنانيين، كتلاً ونواباً وتيارات غير قادرين على التوافق أو حتى التفاهم، أو حتى الجلوس الى الطاولة للتباحث بهذا الموضوع..
2- التوافق الإقليمي – العربي، والدولي – الإقليمي غير ناضج، وغير واضح متى ينضج..
وعبارة التوافق، تقود المرجع الى التماس الإجابة من التعويل على الحدث العالمي، المتمثل بالرهان المتفائل على الحوار الإيراني – الأميركي بشأن الملف النووي..
لا يرى المرجع أن التفاؤل بقرب التوقيع على تسوية الملف النووي الإيراني بمحلّها، فتاريخ 24 ت2 الحالي، لن يحمل، وفق لقراءة المرجع، ما يمكن وصفه «بالأخبار السارة» لا للاعبين الإقليميين ولا حتى الدوليين..
ومردّ ذلك، استناداً الى المرجع نفسه، هو تضارب المصالح بين الولايات المتحدة الأميركية، وإيران: لا تستطيع إدارة أوباما، في هذه المرحلة رفع العقوبات عن إيران، لغير سبب وسبب، بما في ذلك مستقبل العلاقة مع الأطراف العربية، الرافضة، لما تصفه بالمشروع الإيراني التوسعي في المنطقة.. وإيران إزاء هذا التمنُّع الأميركي، ليس بإمكانها، أن تقدّم شيئاً على صعيد الحدّ من برنامج تخصيب اليورانيوم، ما لم تضمن قراراً أوروبياً وأميركياً، لا لبس فيه بالبدء برفع العقوبات عن إيران.. فلا تنازلات نووية، من دون مكاسب اقتصادية، لأن العقوبات، ساهمت بإضعاف بنية النظام الإيراني، ودفعت إيران الى طاولة التفاوض، بهدف أوحد هو البحث في الثمن المطلوب لرفع العقوبات..
ووفقاً لمعلومات المرجع، فإن الملفات الإقليمية، سواء العراق، أوسوريا، أو أسعار النفط، أو لبنان، وعملية السلام في ما خصّ المسألة الفلسطينية، والوضع في الأراضي المحتلة، لم تُبحث في لقاءات مسقط بين جون كيري وزير الخارجية الأميركي ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف، على مرأى ومسمع مفوضة التنسيق في الاتحاد الأوروبي كاترين آشتون.. بل اقتصرت الأبحاث على الملف النووي والعلاقات الراهنة بين إيران والغرب.
وعمّا إذا كانت المبادرة التي يتولاها في سوريا، ستيفان دي ميستورا الموفد العربي – الأممي الى سوريا من شأنها أن تنعكس على لبنان، إنفراجاً رئاسياً، لا يُجيب المرجع الأمني، مباشرة، لكنه يؤكّد أن مبادرة دي ميستورا بتفكيك الحل السياسي خطوة خطوة في سوريا، عبر تبريد الجبهات المشتعلة، بدءاً من حلب، هي مبادرة جدّية، وتحظى بدعم أوروبي، وأميركي، وحتى عربي وإيراني..
هل يحتاج لبنان الى حدث جلل، شبيه بما جرى قبل العام 2008، حتى يذهب اللبنانيون، الى ساحة النجمة، المسألة غير مطروحة على هذا النحو، وفقاً لمصادر شتى.. إنما التعويل على عقل محرّك خارجي، لإخراج الرئيس من رحم الخلافات اللبنانية، العويصة، مسألة صحيحة، لكن أوانها لم يحن بعد؟!