IMLebanon

التزام النأي بالنفس  أم صراع المحاور ؟

مجلس الوزراء محكوم باللجوء الى علاج الأزمات بالانشاء العربي. وليس بين أعضاء المجلس ومرجعياتهم من يجهل صعوبة الترجمة العملية للبيان الصادر بالاجماع في جلسة استغرقت سبع ساعات. فلا من السهل، الا على الورق، التفاهم على سياسة خارجية، وسط الخلاف على السياسة الداخلية وكون الخلاف مفتوحاً على الصراعات الاقليمية. ولا الموقف الرسمي المعبر عنه بسياسة النأي بالنفس عن أحداث سوريا منع قوى ممثلة في الحكومة والمجلس النيابي من ممارسة سياسة إقحام النفس في الأحداث سياسياً ومالياً أو من الانخراط العسكري الكامل في حرب سوريا.

ذلك أننا، برغم اعلان بعبدا، جزء من صراع المحاور. وهو صراع مشاريعه اقليمية طرفاه الأساسيان السعودية وايران، لكنه تجاوز في سوريا والعراق الطابع الاقليمي الى الطابع الدولي، وبقي اقليمياً في لبنان واليمن. واذا كان أقل ما سمعناه في الأيام الماضية هو رفض تيار المستقبل أن يصبح لبنان ولاية ايرانية ورفض حزب الله أن يصبح لبنان ولاية سعودية، فإن الواقع هو الانقسام العميق بين نوع من لبنان الايراني ونوع من لبنان السعودي وسط شعارات لبنان اللبناني.

والانطباع السائد هو ان القرار السعودي بوقف المساعدات المخصصة لتسليح الجيش والقوى الأمنية مرتبط بصراع المحاور والموقف المطلوب من لبنان، تماماً كما كان قرار التجهيز عبر هبة المليارات الأربعة، وان كان السبب المباشر للغضب هو النأي بالنفس في التصويت على قرارين في الجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامي بادانة طهران بعد الاعتداء على السفارة السعودية. ولا أحد يعرف مدى تأثير أو عدم تأثير بيان مجلس الوزراء على تصويب العلاقة بين لبنان وأشقائه وازالة أي شوائب ظهرت في الآونة الأخيرة والجولة المقترحة للرئيس تمام سلام على رأس وفد وزاري الى الرياض وبقية عواصم الخليج العربي. لكن المؤكد ان صراع المحاور بلغ درجة عالية من الخطورة، بحيث يبدو لبنان معرّضاً لامتحانات يومية يصعب معها الاكتفاء بالموقف التقليدي: الانضمام الى الاجماع العربي.

ذلك ان التوفيق بين المواقف المختلفة في مجلس الوزراء قاد الى ربط وقوفنا الدائم الى جانب اخواننا العرب وتمسكنا بالاجماع العربي في القضايا المشتركة بما يصون الوحدة الوطنية اللبنانية ضمن الحرص على المصلحة العليا للجمهورية اللبنانية. والسؤال، مع ان هذا هو الأمر الطبيعي، هو: هل نحن متفقون على تحديد المصلحة العليا للجمهورية أم مختلفون كما تؤكد الوقائع الى حدّ إبقاء الجمهورية بلا رئيس منذ أيار ٢٠١٤؟ وهل النظرة واحدة الى الوحدة الوطنية، أم انها مختلفة تبعاً للزوايا الطائفية والمذهبية والاقليمية في غياب المواطنة؟

درب الآلام طويل.