IMLebanon

لجنة المساطر والمقصات محكومة بمهمة مستحيلة

الحيلة مكشوفة في المعادلة الرائجة: لا قانون انتخاب قبل ملء الشغور الرئاسي، ولا انتخابات نيابية قبل الانتخابات الرئاسية. والكل يعرف ان الجزء الآخر في المعادلة هو: لا انتخاب رئيس قبل ان يتبلور ما نعرفه وما لا نعرفه من تطورات في ازمات المنطقة وحروبها وصراعات المحاور الاقليمية والدولية وصفقاتها، بصرف النظر عن الواقع والخيال في ربط استحقاق دستوري دوري بكل هذه الأمور وحتى بالأقرب منها الينا.

وليس صحيحا ان ما يؤخر الاتفاق بين الكتل النيابية أو التصويت في المجلس على مشروع قانون انتخاب هو ان الجمهورية بلا رئيس من واجبنا وحقه ان يكون له رأي فيه. فعلى مدى اربع سنوات من عمر المجلس ومعها العمر المقترض بالتمديد الاول وبوجود رئيس في قصر بعبدا، تكرس الفشل المنهجي في انتاج قانون انتخاب اعطيت له الاولوية في الوعود. ومن الصعب توقع حدوث معجزة في العمر المقترض بالتمديد الثاني تدفع المجلس الى التخلي عن العجز المنظم واعتماد قانون انتخاب.

الصحيح ان التركيبة السياسية خائفة من تغيير الستاتيكو الذي يعطي قادة المحورين الكبيرين فيها القدرة على تبادل التعطيل حماية للمصالح والحسابات، ضمن ممارسة ما يسميه فرنسيس فوكوياما الفيتو قراطية بدل الديمقراطية. خائفة على النظام الاكثري بصيغته اللبنانية المخالفة لصيغة النظام الاكثري في البلدان الراقية، سواء عبر قانون الستين الذي اعادته الى الحياة ثم اعلنت موته أو عبر ما يشبهه. وخائفة بالطبع من النظام النسبي الذي هو بداية العودة الى التعددية داخل الطوائف والمذاهب لضمان حسن التعددية في النظام بعد كارثة الاحاديات المتحكمة بالطوائف والمذاهب.

والسؤال ليس عن لجنة التواصل التي هي مختصر القوى في المجلس، وما ان كانت اجتماعاتها والنقاشات فيها مصممة لانتاج مشروع او لتقطيع الوقت أو هي مؤخرا من اجل تبليع التمديد. والمسألة ليست قلة الافكار والمشاريع والاقتراحات، فهي كثيرة، وبعضها صنعته هيئة وطنية برئاسة الوزير فؤاد بطرس. المسألة ان لجنة التواصل ينطبق عليها اسم آخر هو لجنة المساطر والمقصات. فكل عضو، كما اوحت النقاشات، يبدو كأنه يمسك بمسطرة ومقص. مسطرة لقياس حدود الدوائر الانتخابية، ومقص لقطع الزوائد عن الحدود التي تضمن سلفا معرفة النتائج.

وما دامت النتائج المطلوبة متناقضة، حيث الكل يريد الربح، فان من المهام الصعبة وحتى المستحيلة التوصل الى اتفاق على مشروع قابل لأن ينال الاكثرية ليصبح قانونا. وما دام الصوت موحدا لكل طائفة ومذهب، وليس متعددا بتعدد المواطنين الاحرار، فان الانتخابات تبقى نوعا من الاحصاء السكاني للطوائف والمذاهب ضمن تمارين في العبث.