في الوقت الذي بدأت فيه المهلة الزمنية المحددة من قبل الرئيس نبيه بري للجنة التواصل النيابية تضيف، لا يزال اعضاء هذه اللجنة يدرسون اكثر من مسودة قانون انتخابي ومن دون ان تظهر في الافق ايّ ملامح تؤشر الى احتمال الاتفاق على اي منها ولاعتبارات سياسية على ارتباط بالاصطفافات القائمة.
وبرأي مرجع سياسي ان مسار عمل اللجنة النيابية وان كان غير مرسوم مسبقاً لناحية تأكيد المؤكد اي استحالة التوافق بين القوى السياسية على قانون انتخاب يحظى برضاها الكامل، قد بات محكوماً بالتجاذبات «الرئاسية» ولو بشكل غير مباشر واعتبر ان ما قطعته هذه اللجنة من مراحل في السابق يسمح بترقب نتائج حراكها الحالي لان الحل الامثل امام الخلافات حول القوانين المطروحة على بساط البحث، يكون بالتطلع الى قانون يحقق المساواة لكل القوى السياسية ولا يصمم على قياس فريق في 8 او 14 آذار.
واستبعد المرجع السياسي المواكب لمراحل البحث السابق عن صياغة قانون انتخاب عصري، ان تشهد الاسابيع المقبلة بلورة لاي تصور نهائي من قبل لجنة التواصل خاصة وان المشاريع المقدمة حتى الساعة من قبل الكتل النيابية ترتكز على الحفاظ على مصالح كل كتلة بحد ذاتها وتبتعد عن المعايير الضرورية للوصول الى تمثيل شعبي حقيقي ويؤمن التعبير عن آراء الناخبين ويعطيهم الحرية في اختيار ممثليهم بعد سنوات من الاعتراض على مجمل العمل التشريعي وعلى القوانين التي لا تزال معلقة في الادراج.
وربط المرجع السياسي ما بين موجة المعارضة الاخيرة على التمديد الثاني للمجلس النيابي وبين قانون الانتخاب، معتبرا ان الشعب هو مصدر السلطات واي قرار يتخذ من دون الحصول على رضى الشعب او الناخبين وبغض النظر عن اسبابه الموجبة، يشكل ابتعاداً عن المبادئ الديموقراطية وبالتالي عودة الى مرحلة ما قبل اتفاق الطائف ولهذه الغاية تحديداً رأى المرجع ان تكتل «التغيير والاصلاح» دعا لتفسير المادة 24 من الدستور.
لكن هذه المعطيات لا يجب ان تقطع الطريق امام السعي لاحداث ثغرة في جدار الوضع السياسي الحالي وذلك عبر وسيلة وحيدة وهي اجراء انتخابات نيابية وفق قانون انتخابي جديد يحقق المساواة ويلغي الاصطفافات والانقسامات الحالية، ويعيد ومن خلال تشكيل السلطة مجدداً انتظام الحياة السياسية ويكرس الاستقرار ويحقق المظلة الواقية لاي صدمات او اهتزازات سياسية او امنية.
واعتبر المرجع السياسي نفسه ان الاتفاقات السياسية الثنائية والتي تتم منذ سنوات خارج اطار المؤسسات الدستورية، قد كرّست امراً واقعاً على مستوى السلطات كلها ودفع نحو تجاوز الدستور وصيغة العيش المشترك وحصرت السلطة في يد القوى البارزة وهمّشت بقية الاطراف السياسية والحزبية واطاحت بكل التيارات والحركات المدنية كما هيئات المجتمع المدني. واضاف ان حصر الازمة في لبنان بالصراع الطائفي احياناً والمذهبي حيناً آخر، اعاد كل المشاورات النيابية الى نقطة الانطلاق اذ ان المعيار الطائفي والمذهبي احتل موقعاً متقدماً في لائحة المعايير الواجب اعتمادها للوصول الى قانون انتخابي عصري مع العلم ان الطائفية تتناقض مع سمة العصرية التي يتحدث عنها كل المعنيين بالقانون الانتخابي.
وفيما توقع المرجع وصول العمل النيابي «الانتخابي» الى حائط مسدود رأى ان الشحن الطائفي يشكل الحاجز الاول امام عمل لجنة لتواصل فيما الحسابات السياسية المرتبطة بالاستحقاق الرئاسي يشكل الحاجز الثاني كما ان الظروف الاقليمية التي ترخي ظلالاً ثقيلة على المشهد الداخلي، باتت تدخل في كل تفاصيل الحياة السياسية وصولاً الى عملية اعداد قانون انتخابي جديد يمهد لاجراء انتخابات نيابية بعد تمديد ثان للمجلس النيابي الحالي. واكد ان قانون الانتخاب هو المدخل لتسوية مجمل الازمات السياسية وحتى الامنية ولذلك فان الاتفاق عليه قد تحول الى اكثر من معضلة في ظل الخلافات والانقسامات المصيرية.