IMLebanon

ما هي خلفيات رفض بعض الاطراف التواصل مع سوريا

 

من الواضح ان بعض الاطراف الداخلية المعترضة ليس على اعادة آليات التواصل الرسمي بين الحكومتين اللبنانية والسورية انسجاما مع الاتفاقيات الموقعة في وقت سابق، بل ترفض هذه الاطراف حتى اجراء اتصالات لتسهيل عودة النازحين السوريين الى بلدهم، تخفيفا للاعباء الضخمة التي يتحملها لبنان جراء وجود ما يزيد عن مليون ونصف مليون نازح سوري، وهذا الرفض من جانب هذه القوى مرده بحسب اوساط سياسية بارزة في قوى 8 آذار الى التزام هؤلاء بما تقرره «الاجندات» من جانب الدول التي تمعن في اطالة امد الازمة في سوريا، ان من عرقلة التسويات او ضرورة قيام الجيش السوري وحلفائه بإنهاء ما تبقى من وجود للمنظمات الارهابية في شمال سوريا بدءا من محافظة ادلب، او عرقلة مسار الحل السياسي عبر وضع «العصي» امام تشكيل اللجنة الدستورية التي ستناط بها البحث الاتفاق على تعديلات في القوانين الدستورية الحالية.

 

فهذه الاطراف المرتبطة بالاجندات السعودية والاميركية تتحرك وفق ما تتطلبه سياسات هاتين الدولتين، وبالاخص الادارة الاميركية على كونها هي التي تحدد سياسات الدول المعرقلة لاستكمال الانتصار الذي حققه النظام السوري وحلفائه على التنظمات الارهابية والدول الداعمة لها، والدليل على ذلك وفق الاوساط تراجع حلفاء واشنطن من الانظمة العربية على الانفتاح على سوريا في الاسابيع الماضية بعد زيارة وزير الخارجية الاميركي بومبيو لهذه الدول، وزيارة مساعد وزير الخارجية الاميركي ديفيد هيل الى بيروت ما ادى الى تجميد هذا الانفتاح واعادة سوريا الى الجامعة العربية، مع العلم ان كل هذه الانظمة قبل الدخول الاميركي على الخط كانت تتسابق لإعادة فتح سفاراتها في دمشق والعمل لإعادة خطوط التواصل السياسي.

 

وتأكيدا على هذه التوجهات لبعض الاطراف اللبنانية، تتوقف الاوساط عند مسألتين اقام «الدنيا هذا الفريق ولم يقعده».

 

– اولى هاتين المسألتين، الحملة لا تستند الى اي مبررات وطنية على زيارة وزير شؤون النازخين صالح الغريب الى دمشق فهذه الحملة كان يمكنه ان تؤدي الى «فرط» مجلس الوزراء او على الاقل وضع «العصي» امام انطلاقته لولا التدخل الحاسم لرئيسي الجمهورية العماد ميشال عون و«نأي» رئىس الحكومة سعد الحريري لنفسه عن هذه الحملة بغض النظر عن اللغط الذي اثير حول مسألة صلاحيات رئيسي الجمهورية والحكومة، مع العلم كما تقول الاوساط ان الرئيس عون اعلن بشكل واضح ان التواصل مع سوريا يراد منه تسهيل عودة النازحين، وليس اعادة التواصل الرسمي السياسي بين الدولتين.

 

– ثاني هاتين المسألتين: الحملة التي استهدفت وزير الدفاع الياس ابو صعب لمجرد اعلانه موقفا يرفض محاولات النظام التركي لاحتلال مزيد من الاراضي السورية تحت عناوين كاذبة، فيما الهدف من هذا الاحتلال تنفيذ الاطماع التركية باحتلال شمال سوريا، في وقت اعلنت الدول العربية الحليفة لهذه الاطراف – الامارات – السعودية – الرفض لاي وجود اجنبي داخل الاراضي السورية على رغم التزام هذه الدول بما تقرره السياسة الاميركية.

 

وانطلاقا من ذلك، توضح الاوساط، السياسية ان هذا التناغم بين بعض الاطراف اللبنانية والاتجاهات الاميركية من سوريا والتي تسير فيها انظمة الخليج والنظام التركي رغم وجود تباينات بين هذه الدول حول بعض تفاصيل التعاطي مع الوضع في سوريا – تبين من خلال الاتي:

 

1- تلطي هذه الاطراف بما تقرره الانظمة العربية تحديدا الحليفة للولايات المتحدة – من مواضيع الانتفاح على سوريا واعادتها الى الجامعة العربية مع العلم ان لبنان تحفظ في العام 2011 على تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية كما ان هذا التناغم من جانب بعض الاطراف اللبنانية يتناقض ليس فقط مع الاتفاقيات الموقعة بين لبنان وسوريا بل وهو الاهم انه يتناقض مع المصلحة الوطنية في لبنان نظرا للايجابيات الكبرى التي يستفيد منها لبنان في حال قررت الحكومة فتح اطر التواصل مع دمشق ولو في حدود العمل لإعادة النازحين وايجاد الحلول للمسائل العالقة بين البلدين بدءا من قضايا الترانزيت.

 

2- ان الاتجاهات الرافضة للتواصل مع سوريا من جانب بعض الاطراف في لبنان، ترتبط بشكل او بآخر، مع العرقلة الاميركية – الخليجية لتشكيل اللجنة الدستورية في سوريا حيث لا زال الاميركي يضع شروطا اساسية حول الاسماء التي سيتم اختيارها لهذه اللجنة كما ان السعودية وتركيا تريد كل منهما ادخال مزيد من الاسماء عن القوى الحليفة لكل منهما الى اللجنة.

 

3- ان تعهدت الادارة الاميركية عرقلة انهاء الوضع الشاذ في شمال سوريا يتظهّر جليا في استمرار المناورات حول انسحاب القوات الاميركية من شمال سوريا، وفي تشجيع الفصائل الكردية المسلحة على تجميد او تباطؤ الحوار مع الحكومة السورية، وفي وضع «الخطوط الحمراء» امام اي توجه من جانب النظام السوري للقيام بعملية عسكرية تنهي احتلال تنظيم جبهة «النصرة» الارهابي على محافظة ادلب بالتوازي مع التنسيق مع النظام التركي لإدخال قواته الى المناطق التي ستنسحب منها القوات الاميركية رغم اعلان البيت الابيض عن ابقاء جزء من هذه القوات في قاعدة «التنف» ومناطق اخرى لفترة غير واضحة.

 

من كل ذلك تؤكد الاوساط ان بعض الاطراف في لبنان – التي راهنت على الحرب الاميركية الغربية لاسقاط الدولة السورية لا تزال تربط «اجندتها» الاقليمية بدءا من طبيعة التعاطي مع الوضع في سوريا، مع ما تقرره الاجندة الاميركية والخليجية على الرغم من الخسائر الضخمة التي يتكبدها لبنان اقتصاديا وماليا، جراء ربط هذا البعض لتوجهاته من الملف السوري بما تقرره واشنطن وبعض انظمة الخليج.