صحيح أن بياناً لم يصدر عن اللقاء الثلاثي الذي عقد في بعبدا ذلك الليل، ومن دون أي إعلان مسبق عنه. حتى اليوم، وبعد مرور أيام معدودة على لقاء التاسعة والنصف ليلاً، لم تزل علامات الاستفهام مرسومة، بقوة: ما الذي استدعى لقاءً بهذه الأهمية، في الليل، قبيل ساعات على انبلاج فجر يوم جديد؟ ماذا دار فيه من مباحثات؟ والى ماذا انتهى؟ وهل ما انتهى اليه من نتائج يوازي أهمية الصدمة التي فعلها الخبر عن مجرد انعقاده؟
الأجوبة ليست عندنا. إلا أنه تجدر الإشارة الى الآتي:
أوّلاً- لقد كان اللقاء إيجابياً في المفاهيم كلها لأنّه أثبت بضع حقائق نشير الى بعضها.
1- لقد أكّد على التفاهم بين رأس البلاد ورأسي السلطتين التشريعية والتنفيذية. وهذا في حد ذاته مؤشر جيد.
2-واستطراداً قطع اللقاء الطريق على شائعات عديدة كانت متداولة على نطاق واسع ركزّت على اختلافات حادّة بين أهل السلطة ظهرت مؤشراتها في الشارع.
3- أعقب اللقاء واقعٌ واضح وهو برودة ملحوظة في الشارع بما فيها إلغاء الاتحاد العمالي العام الإضراب المقرر… وهذا أيضاً مؤشر إيجابي.
4- سهّل اللقاء تجاوز بعض الإشكالات بين الوزراء ممثّلي الرؤساء الثلاثة في اجتماعات مناقشة مواد وبنود الموازنة العامة أقله يومي أمس الأربعاء وأوّل من أمس الثلاثاء.
ثانياً ـ تردّد، على نطاق ضيّق، أنّه توافر لمراجع عليا البعض من المعلومات التي وُصفت بأنها «على قدر كبير من الأهمية» حول الحراك في الشارع وخلاصتها أنّ هناك «أطرافاً» كانت تسعى (وتعمل) لأكثر بكثير من مجرّد المطالب ذات الصلة بالموازنة وبنودها والحقوق والموجبات… وأن ثمة تقارير، هي أيضاً مهمّة، تناولت هذه المعلومات بدقة؟
ثالثاً (ونورده في إطار سؤال) – هل صحيح أن هناك من يستهدف النظام اللبناني بشقيه المالي والبرلماني؟! وهل كانت هذه النقطة (بالغة الأهمية) مدار بحث في اللقاء الليلي؟! وهل كانت مدار مضمون أحد التقارير؟!
رابعاً – وفي المعلومات كذلك أنّ الناس نزلت الى الشارع، على مستوى العامّة، بحسن نيّة.. ولكنها لم تكن تدرك أن ثمة مخططاً استغل المطالب الاجتماعية للاستدراج الى التظاهرات والإضرابات والاعتصامات؟!
خامساً- إذا كان الرؤساء الثلاثة «يمثلون» طوائفهم وجماعاتهم وكل منهم هو «الأقوى» فكيف «انزلقت» التطورات من بين أصابعهم فكان الحراك في الشارع بتوافق وتقاطع غير مسبوقين مع هيئات وجماعات وقوى لم يكن يرد في بال أحد أنها ستلجأ الى الشارع؟!
بإختصار: هل صحيح أن اللقاء الثلاثي الليلي كان بمثابة «البلاغ الرقم واحد» الاستباقي لبلاغ رقم واحد آخر (ليس عسكرياً بالتأكيد) كان يُحَضّر له؟!