Site icon IMLebanon

اتصالات بين القوات والمستقبل لرأب الصدع البيروتي

 

في ظل دوران الوضع السياسي الداخلي في حلقة شلل المؤسسات المفرغة ،من الدور التشريعي للمجلس الذي شارف على الانتهاء من عقده العادي دون تحقيق اي انتاجية تشريعية او انتخابية، لاستحالة الاتفاق بين القوى السياسية،الى الحكومة العاجزة عن الانجاز، يبقى الاستحقاق البلدي والانتخابي عنوان المرحلة حتى اختتام الجولات الاربع، لتفتح معه ابواب حقبة المطالبة باجراء الانتخابات النيابية بعد انتفاء كل اعذار وحجج التمديد.

هكذا ومع انتهاء المرحلة الاولى التي ستترك تداعياتها واسقاطاتها على ما سيلي من مراحل، تستمر قراءة النتائج والارقام وفقا للاهواء والمصالح بحسب كل طرف، على ما درجت عليه الارقام في لبنان، اخذا في الاعتبار عند تشكيل اللوائح او تعزيز ما أعلن منها، اذ انه رغم خصوصية هذه الإنتخابات المحلية والتنموية، إلا أنها أكدت أنها تحمل في طياتها خلفيات وأبعاداً سياسية ظهرت جلية .

فمنذ بداية الحديث عن الاستحقاق البلدي، توجهت الأنظار إلى المناطق المسيحية، كونها المحك الاول لما بعد تفاهم معراب الرئاسي بين «الحكيم» و«الجنرال»، وبعدما نجح الطرفان نسبيا في اثبات قدرتهما على التأثير في قاعدتيهما الشعبيتين، وإن بنسب متفاوتة في بيروت وزحلة، بانتظار مجريات معارك جبل لبنان، العرين المسيحي، خاصة بعدما سجل انسحاب عوني لافت في مدينة جبيل، وطغى التوافق العائلي على بعض مدن وقرى جبل لبنان.

غير ان القراءة السياسية لنتائج الإنتخابات في بيروت تتجاوز الأرقام الصادرة عن الصناديق والأسماء الفائزة، الى الرسائل التي حملها عدم الإلتزام الحزبي على حد قول مصادر متابعة، لا سيما في الدائرة الأولى، الاشرفية الرميل المرفأ، وضعف نسبة الإقتراع على مستوى العاصمة ككل، حيث رسمت هذه النتائج العديد من علامات الإستفهام حول عدم تجاوب الناخبين المسيحيين مع دعوات الإقتراع للائحة التوافقية، رغم دعوات عون وجعجع، حيث ارجع البعض الامر الى عدم اقتناع أهل العاصمة باللوائح المتنافسة ،واستسلامهم الى مقولة أن «التغيير غير ممكن»، فضلا عن أن أداء تيار «المستقبل» في بلدية بيروت أهمل الأشرفية وحرمها من الإنماء لسنوات وسنوات في حين أن المبالغ الطائلة كانت تصرف دون حسيب أو رقيب في أماكن أخرى.

أوساط في التيار الوطني الحر رفضت تحميلها مسؤولية اي تقصير معتبرة ان ما حصل من اشكالات داخل التيار العوني لم يؤثر في سير المعركة رغم «النفخ في النار» الذي مارسته بعض وسائل الاعلام، مشيرة الى ان هناك اطراً ومؤسسات حزبية تحاسب عن اي خطأ حصل، مشددة على ان الرابية تلتزم بكلمتها ولا تتهرب من مسؤولياتها، داعية الى قراءة دقيقة وشفافة ومتكاملة لما حصل، والذي عكس مجموعة من الرسائل المتكاملة تتألف من مجموعة عناصر سياسية وإنمائية وحزبية، لعل ابرزها، ردّة فعل من أبناء العاصمة حول كيفية تأليف اللائحة وفرض الأسماء دون مراعاة النسيج الاجتماعي للمناطق المحلية، واقصاء الناشطين الذين يعلمون ويدركون الواقع الإنتخابي في زواريب المناطق والأحياء، فشل المجلس البلدي الحالي في تحقيق أي إنجاز في المناطق المسيحية معتمدا نهج التهميش والغبن الثابت .

مصادر سياسية مسيحية اشارت من جهتها الى ان التحالف بسحر ساحر بين البرتقالي والازرق تحت شعار «الخوف من عدم تحقيق المناصفة»،بعد اختلافهما الاختلاف على المستويات السياسية ، والتصادم بينهما الذي أوصل الى الفراغ الرئاسي وحرمان المسيحيين من حقوقهم نتيجة المحاصصة القائمة أوحى بأن التيارين يقولان الشيء ويقومان بعكسه، وهذا ما أوصل الى تصدّع حزبي داخلي لا سيما في «الوطني الحر».

في المقابل رأت مصادر في تيار «المستقبل» أن بيروت تصدّت لمحاولات إخضاعها، «اجتماعيا وسياسيا»،مؤكدة تمسّكها بالدولة ومؤسساتها، واقفة في وجه من يحاول إلغائها والقفز فوقها بتعطيله المستمر لإنتخابات الرئاسة وتعطيل مجلسي النواب والوزراء وتغييب الدستور والقانون وهلهلة المؤسسات وإضعافها، معتبرة أن القوى المناهضة للتيار الازرق لم تقف على الحياد ،انما خاضت تحت عباءة المجتمع المدني ،مؤكدة ان الارتدادات السياسية الحقيقية لما حصل في انتخابات بلدية بيروت ستظهر فعليا في الانتخابات النيابية المقبلة، مشيرة الى ان الكتلة الارمنية بكل اجنحتها ،وحدها التزمت بلائحة «البيارتة»، وسط تمرد القواعد العونية وعجز القوات عن تأمين نسبة اقتراع عالية، فيما ذهبت دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الى مناصري «حركة امل» للالتزام بـ«البيارتة» هباء، اما «حزب الله» فكان خارج اللعبة في بيروت، ليبقى الحزب «التقدمي الاشتراكي» الذي له عضو وحيد في لائحة «البيارتة»، وانتخب مع «بيروت مدينتي».

القوات اللبنانية من جهتها، اشارت الى ان نسبة تصويت الـ20% في بلدية بيروت قريبة جداً لنسبة الـ2010، حين كانت المعركة بين معسكري 8 و14 آذار، مضيفة ان الدائرة الأولى (الأشرفية، الصيفي، الرميل) شهدت اقتراع 16000 من أصل 94000 اي 17% من الناخبين، وحتى في الدائرة الثالثة حصدت «لائحة البيارتة» على 27000 صوت مقابل 17000 لـ«بيروت مدينتي»، اي ما يقارب الـ40% من الأصوات، في رفض واضح للأخطاء التي حصلت، فيما كان يعتبر معقلاً اساسياً لـ«تيار المستقبل»،معتبرة ان المقاربة الصحيحة تفيد ان أرقام انتخابات المخترة تبين ان الناس أعطت ثقتها بنسبة 80% من الأصوات للتحالف المسيحي مقابل 20% للوائح المنافسة، كاشفة عن اتصالات بدأت بين «تيار المستقبل» والقوى المسيحية ولا سيما منها «القوات اللبنانية» من اجل شرح مجريات الانتخابات والتأكيد أن ما حصل في مناطق محسوبة على القوى المسيحية كان خارجاً عن ارادة القيادات الحزبية التي التزمت بالكامل الائتلاف الانتخابي، ولا وجود تالياً لأي خلفيات سياسية وراء حصول لائحة منافِسة على رقم مهمّ من الاصوات وخصوصاً أن الرقم الآخر للذين التزموا مع لائحة البيارتة يظهر أن التفلّت لم يكن خطيراً الى حدود تهدد فعلاً لائحة الائتلاف.