تستمر النقاشات الداخلية في «الجماعة الاسلامية» حول الخطوة الانفتاحية الاخيرة التي قامت بها تجاه ايران و «حزب الله» من خلال مشاركة رئيس مكتبها السياسي عزام الايوبي في افطار الضاحية الجنوبية الى جانب مسؤولين من «الحرس الثوري الايراني» و «حزب الله».
وقد سعت قيادة «الجماعة» لاستيعاب الحملة القاسية وغير المتوقعة التي تعرّض لها الايوبي بسبب هذه المشاركة، من خلال الدعوة لافطار حاشد للقوى والحركات الاسلامية السنية على مختلف اتجاهاتها، وعبر العمل لتحويل هذا اللقاء الى لقاء شهري تشاوري في موازاة الدور الذي تقوم به «هيئة علماء المسلمين» في التصدي لمختلف القضايا السياسية والاسلامية، وخصوصا ملف الموقوفين في سجن رومية ومشاركة «حزب الله» في القتال في سوريا.
وتقول مصادر قيادية في «الجماعة» إن خيار الحوار مع «حزب الله» سيستمر بأشكال مختلفة وإن مشاركة مسؤوليها في «لجنة دعم المقاومة» الى جانب «الحزب» وقوى وهيئات اسلامية لبنانية وفلسطينية، مستمرة رغم التباين في المواقف على صعيد الملف السوري وملفات اخرى في المنطقة.
وتوضح المصادر ان قيادة «الجماعة»، عندما وافقت على مشاركة رئيس المكتب السياسي عزام الايوبي في افطار رمضاني علني الى جانب قياديين من «حزب الله» و «الحرس الثوري الايراني»، كانت تتوقع حصول بعض ردات الفعل السلبية ضد هذه المشاركة، خصوصاً بعد الحملة التي شنها القيادي في «الجماعة» ورئيس «هيئة علماء المسلمين» الحالي الشيخ احمد العمري ضد ايران و «الحرس الثوري» و «حزب الله» في المؤتمر الاخير للهيئة، لكن حجم الحملة ضد الايوبي وقيادة «الجماعة» كانت اقوى مما هو متوقع.
وهذا يكشف، برأي تلك المصادر، حالة التعبئة داخل صفوف «الجماعة» والاوساط الاسلامية ضد «الحزب» وايران، نظرا للتطورات المستمرة في سوريا واليمن والعراق والاتهامات التي توجه للحزب وايران بالعمل لإضعاف دور السنة في المنطقة.
لكن المصادر تؤكد انه لا يمكن الاستمرار بالقطيعة بين القوى والحركات الاسلامية في ظل المتغيرات الحاصلة، وان اي حوار يحصل بين هذه القوى لا يعني الموافقة على الخيارات السياسية لهذه القوى، لا سيما أنه من مصلحة الجميع البحث عن القواسم المشتركة لتعزيزها والتخفيف من نقاط التوتر، وان كانت مسؤولية «حزب الله» وايران اكبر بسبب السياسات التي ينفذونها والتي تثير الكثير من ردود الفعل في الشارع الاسلامي.
وبالمقابل، فان المطلعين على اجواء «حزب الله» يشيرون الى ترحيب الحزب بأي حوار، شرط ان يتم توفير الظروف المناسبة لنجاحه ووقف الحملات السياسية والاعلامية وتعزيز مناخات الثقة بين مختلف الاطراف، والحزب سيتعاطى مع كل خطوة ايجابية بمثلها.
فهل سيتقدم خيار الحوار بين القوى والحركات الاسلامية على خيار القطيعة والصراع؟ وهل ستنجح «الجماعة الاسلامية» في استيعاب ردود الفعل القاسية على خيارها الحواري وتنجح في التخفيف من حالة الاحتقان في الساحة الاسلامية؟
الجواب ليس فقط عند قيادة «الجماعة»، بل مرهون ايضا بما سيقوم به «حزب الله» وايران من خطوات متبادلة لتعزيز الثقة بين الطرفين.