IMLebanon

من مأساة «جبهة الصمود والتصدّي» إلى مهزلة «محور الممانعة» الهزائم واحدة!

 

من روائع محمود درويش التي تخاطب العقل مباشرةً: «ستنتهي الحرب ويتصافح القادة، وتبقى تلك العجوز تنتظر ولدها الشهيد، وتلك الفتاة تنتظر زوجها الحبيب، وأولئك الأطفال ينتظرون والدهم البطل… لا أعلم من باع الوطن، ولكنّني رأيت من دفع الثمن…».

السياسة فن الممكن، أو فن تضليل العقول… السياسة هي المهنة الوحيدة التي تجعلك تكذب وتسرق وتغش، وتحظى مع ذلك، بالاحترام… وفن الإعلام أحد أهم أدوات السياسة الناطقة والمسموعة والمرئية كل ساعة وكل دقيقة وكل يوم… يسلّط الإعلام السياسي الشعبوي على وجه الخصوص، والغير سياسي عموماً، الضوء على ما يريد وفق رؤيته السياسية الشعبوية أو الجهوية أو المنفعة المادية، وليس من زاوية الحق، سواء كان له أم عليه، الإعلام بكل وسائله يمارس هذا العبث القذر على مدار الساعة، وكل الأطراف المتصارعة والمتنازعة في عالمنا اليوم في مشارق الأرض ومغاربها، ترينا المشهد من زاويتها هي فقط، لكنّ الحقيقة شيء آخر… وفي مكان آخر. لذا، علينا البحث عن أفكار جيدة بدلاً من البحث عن جبهات ومحاور مزيفة وأبطال مزيفين.. أو كما يقول جوزيه ساراماغو: «من الصعب أن يفكّر المرء وأن يصفّق في وقت واحد».

«يقظة الذات» للكاتب «روبرتو مانجابيرا أونجر» هي دعوة مفتوحة لكل فرد لاكتشاف أعماق نفسه والتحرّر من قيود المجتمع والمعتقدات التقليدية. يقدّم الكتاب رؤية ملهمة حول قدرة الإنسان على إعادة تشكيل حياته وأفكاره، ليصبح سيّداً لذاته وطريقه… بأسلوب فلسفي عميق، يحث «أونجر» القارئ على الانفتاح على إمكانيات لا محدودة من الحرّية والإبداع، من خلال يقظة داخلية تُعيد تعريف الذات والعالم من حولنا. «يقظة الذات» هو كتاب فلسفي يعالج مفهوم الذات البشرية من خلال منظور يتجاوز الفلسفات التقليدية حول الإنسان والمجتمع. يسعى الكاتب إلى بناء مفهوم جديد للتحرّر الإنساني، يقوم على اكتشاف الفرد لقدراته الداخلية وتحرّره من القيود الاجتماعية والذهنية.

بعد ما يقرب الخمسة عقود على «جبهة الصمود والتصدّي» أو ما كان يُسمّى «جبهة الرّفض»، تغيّرت الاسماء -والفعل والفاعل واحد- إلى «محور الممانعة» فانتقلت القيادة والراية القديمة البالية والشعارات الشعبوية من ليبيا – معمر القذافي في تلك المرحلة إلى ايران – علي خامئني في هذا المرحلة… لكنّ أكثر من ذلك، ماذا تحقّق على أرض الواقع منذ ذلك الوقت وحتى ايّامنا هذه؟ تهافت «الممانعون القدامى» في إخراج مصر من جامعة الدول العربية وفي نقل مقر الجامعة من القاهرة إلى تونس، وفي محاولة عزل مصر. فماذا كانت النتيجة؟ الذين خطّطوا للعمل على عزل مصر، وجدوا أنفسهم معزولين، عادت مصر إلى قلب العالم العربي، وعاد مقر الجامعة العربية إلى القاهرة.

تقاوم عقولنا وسلوكياتنا دائماً التغيير بطبيعة الحال، فكل ما هو جديد مخيفٌ وغير مرحَّبٍ به، حتى لو كان تغييراً إلى الأفضل. استنتج التحليل النفسي وجود مبدأ «مقاومة التغيير» وكان محقًّاً بشأنه، واستطاع أيضاً أن يجد الأدوات اللازمة ليهزم قدرة تلك «المقاومة العنيدة» على عرقلة حياة كلٍّ من الفرد والمجتمع. في هذا الكتاب، يركّز «مانجابيرا أونجر» على فكرة أنّ الإنسان كائن غير ثابت، قادر على تغيير ذاته وإعادة تشكيل حياته بما يتناسب مع رؤاه وأهدافه الشخصية. الرسالة الأساسية هي أنّ الإنسان يمتلك القدرة على تغيير حياته والارتقاء بذاته من خلال يقظة داخلية وتحرّر من القيود المجتمعية والأفكار المسبقة. يدعو الكاتب إلى أن يكون الإنسان سيداً لحياته، ويتحلّى بالشجاعة لتحدّي الموروثات والتقاليد والتخلّف من أجل بناء مستقبل أكثر صدقية وأكثر حرّية.

اليوم تقود إيران «جبهة الرّفض» أو «محور الممانعة»، فماذا تحقّق من هذه الجبهة أو هذا المحور؟ ما تحقّق هو احتلال اربع عواصم عربية بشكلٍ غير مباشر كما تدّعي وتتغنّى إيران – الثيوقراطية – الأصولية، هذا ناهيكم عن احتلال إيران الشاهنشاهية للأحواز العربية والجزر الإماراتية طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى بشكلٍ مباشر، وزرع ثقافة الخوف والموت والحروب والبؤس والدمار والفقر في بعض الدول العربية المخطوفة من نظام الملالي في طهران… ما تحقّق أيضاً خدمة للمشروع النووي الإيراني هو دمار غزة ولبنان مؤخّراً، وهذا الواقع يستحيل أن يخفيه أحد، فالغزيون واللبنانيون في أسوأ مرحلةٍ من تاريخهم. غزة فوق الأرض دمار شامل، وغزة تحت الأرض كيلومترات من الأنفاق أصبحت «خارج الخدمة» لأنّ مشغِّليها لم يعودوا فيها، فما هي رؤية إيران إلى «اليوم التالي» في غزة؟.. وما هي رؤية إيران في لبنان النزوح الذي تجاوز المليون مواطن؟

يُعدّ مصطلح «آليات الدفاع» عند فرويد جزءاً لا يتجزأ من فهمنا البديهي لسلوك الإنسان، لذا أصبحنا ننظر إليه باعتباره أمراً مسلَّماً به، آليات الدفاع هي استراتيجيات نفسية يأتي بها العقل المريض بغرض التلاعب بالأفكار، أو الإنكار، أو تشويه الواقع ورفع الشعارات السلبية الكاذبة.. ومن بين جميع أنواع آليات الدفاع القمع والتبرير والإسقاط والإنكار. نعم، الإنكار هو رفض صريح لإدراك أنّ شيئاً ما قد حدث بالفعل، أو يحدث حالياً، أو حتى الاعتراف به. يشهد العالم اليوم تطوّراً غير مسبوق للعلم يترافق مع انهيار دراماتيكي للثقافة. للمرّة الأولى في تاريخ الإنسانية، يتباعد العلم والثقافة في مواجهة وجودية حتى الموت: انفجار علمي مقابل خراب الإنسان. لا ينادي احد بزوال العلم إنّما بزوال الأيديولوجيا المرافقة له، بعدما صار العلم همجيةً منذ اللحظة التي نسي أنّه هو نفسه شكل من اشكال الثقافة!

 

هل تملك إيران رؤية غير الإمعان في زجّ غزة ولبنان في حروب انتحارية عبثية لا تقود إلّا إلى مزيد من الخراب والموت والدمار والنزوح والجوع؟ ماذا عن الممانعين الآخرين؟ ماذا في «أجنداتهم» وخططهم للصمود والتصدّي والممانعة؟ غزة على سبيل المثال كانت متخمة بالذخائر والصواريخ والمسيّرات، فأصبحت تفتش عن كسرة خبز. فبماذا نفعتها ونفع لبنان «جبهة الصمود والتصدّي» بنسختها الجديدة الإيرانية؟ لا بدّ من قيام جبهة مواجهة في وجه «جبهة الصمود والتصدّي» و «الممانعة»، فالصمود «الكلامنجي» سقط بالضربة القاضية، والتصدّي «الفلمنجي» سبقه إلى السقوط على السجادة الحمراء خارج الصالة… و»محور الممانعة» الشعبوية أو «الصاروخيّة» في أيامنا هذه بقيادة تاجر السجاد العجمي فضحته «القطب المخفية» في حياكة تحالفاته التاريخية.. تحالفاته العميقة الغادرة. أياً تكن الاعتبارات. الحروب بنتائجها وليس بإعطاء أسباب تخفيفية وتبريرية، والنتائج تقوم على معايير علمية واضحة وليس على أمنيات وتمنيات، فمعايير الهزيمة واضحة ولا تحتاج إلى أي تفسير!