IMLebanon

التوافق والاختلاف!

كأن البلاد مرهونة للخلافات.

لا أحد يتجاوز مناكفاته مع خصومه.

ولا أحد إلاّ ويجدّد أمامه سلطة، كأنها ليست سلطة، ولن تكون.

والناس، مع حرية كل وزير في إبداء آرائه والتفاصيل المتعلقة بجدول أعمال المجالس الوزارية، وإلاّ لكان كل واحد، من السادة الوزراء، مجرّد ببغاء على حصانه.

هل أصبحت التباينات مجردة من الخلافات.

كان الرئيس صائب سلام يختلف أحياناً مع حليفه الرئيس سليمان فرنجيه. لكن ذلك لم يمنع رئيس الجمهورية في العام ١٩٧٤، من ان يصطحب معه الى دورة فلسطين في الأمم المتحدة، كلاً من سلام وعبدالله اليافي مع شارل حلو ورشيد كرامي.

وفي نيويورك لم يتكلم بعضهم، مع بعضهم الآخر. وعند وضع كلمة لبنان، أجمع الأقطاب على أن يكونوا أقطاباً لا أعضاء في جلسات متواصلة.

ولا أحد ينسى ان الرؤساء، تجنّبوا تبايناتهم، كما ان أحداً لا ينسى انهم في طريق العودة، عرّجوا على بعبدا، وفهموا من رئيس الجمهورية، ان الادارة الأميركية فتّشت الحقائب واعتذرت.

وان الرئيس فرنجيه امتنع عن تلبية دعوة الرئيس الأميركي فورد الى البيت الأبيض، ولم يمتنع أحد من الرؤساء، من زيارة القصر الجمهوري، لأن الرئيس صبري حمادة فتّشوا حقائبه، اعتقاداً منهم انه يحمل الى أميركا حشيشة الكيْف.

باختصار، من حق الجميع الخلاف، كما ان من حقّهم الحوار والاتفاق، ضد من يضمر الحقد للبنانيين.

***

لا أحد يريد العودة الى الماضي، لتعداد الخلافات، بل للتأكيد ان التباين حق، والتوافق حق أيضاً للجميع وعلى الجميع.

الآن، يبدو الخلاف مستحكماً على المواقف من رئاسة الجمهورية، وهذا سبب آخر للتوافق والتمايز.

ولا يضير القادة أن يبتعدوا حيناً عن مسائل تعترضهم، ويتّفقوا أحياناً على توجهات تجمعهم.

وليس عيباً الخلاف، كما انه ليس عيباً على أحد الاتفاق بعد خلاف.

في العام ١٩٥٥، قبل الرئيس صائب سلام، ان يكون وزيراً في حكومة الرئيس عبدالله اليافي.

وعندما اختلف الاثنان مع الرئيس كميل شمعون، على موضوع التجديد، عاد كل منهم الى موقعه الأصيل كرئيس لمجلس الوزراء، وكرئيس للجمهورية.

***

من هنا يحرص الجميع، على الوقوف في موضوعية، ازاء أي قرار.

وهذا ما جعل الرئيس رشيد كرامي يستشهد في طائرة كانت تقلّه من طرابلس الى بيروت من أجل لقاء وفاقي مع الرئيس شمعون في ميدان سباق الخيل.

عندما أراد، الرئيس فؤاد شهاب، في العام ١٩٥٨، قبول اقتراح الجنرال ايزنهاور، الاجتماع عند الحدود اللبنانية السورية مع الرئيس جمال عبدالناصر، تمسك بأنه جنرال وان الرائد العربي بكباشي.

وساعة تحفظ المرافقون صرخ فيهم عبدالناصر بأن للرتبة حقوقها، وان لكل مطلب شرعيته.

وكانت نهاية الحرب السورية – اللبنانية، وبداية التوافق بين لبنان وسوريا.