يشكّل موضوع إيجاد قانون جديد للانتخابات النيابية مادة تجاذب بين الأفرقاء، نظراً الى مواقف الكتل من النسبية المطروحة، ونظرتها الى مصالحها والى ما يمكن أن تحمله من استهدافات.
وعلى الرغم من كل هذا الجو المشحون، فإن رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري لا يزال يقبل بالقانون المختلط. ومن الواضح أن التصعيد غير مفهوم الى أين يؤدي وما المعنى الذي يحمله.
وتفيد مصادر سياسية بارزة، أن المهم في أي قانون جديد أن يتحقق الاعتدال الذي نصّ عليه اتفاق الطائف، والطائف يمثل الاعتدال، والاعتدال يتمسك به تيار «المستقبل». ويتمسك التيار أيضاً بأن يحظى أي قانون جديد بموافقة كل الأفرقاء في البلد.
اتفاق الطائف يتحدث عن النسبية. إنما يأتي ذلك متزامناً مع إلغاء الطائفية السياسية. والنسبية تكون أنجح إذا كانت الأحزاب في لبنان مختلطة وليست من لون واحد ومذهب واحد. وإذا كانت لديها مشاريع سياسية على مستوى الوطن.
أما الآن، فما يحصل هو تمسك البعض بالنسبية على أساس طائفي. والخطاب الانتخابي الحالي، لوحظ أنه خطاب طائفي في معظمه، الأمر الذي يجلب التطرف ولا يؤدي الى الاعتدال، وتيار «المستقبل» هو الاعتدال. وعلى الرغم من المحاذير الكامنة وراء النسبية في مثل هذه الظروف، اتخذ تيار «المستقبل» قراره بتقديم مشروع القانون المختلط مع الحزب «التقدمي الاشتراكي» وحزب «القوات اللبنانية». والآن لم يعد «الاشتراكي» يقبل به ويريد «الأكثري».
«المستقبل» يقبل بـ«المختلط» وبأي قانون يوصل الى المجلس النيابي نواباً لديهم أكثرية تمثيل.
كل الأفرقاء يقولون بأنهم يضحون في اختيار «النسبية»، وإنهم سيحصلون بموجبها على عدد نواب أقل قليلاً مما هو لديهم.
لكن التضحية الفعلية هي من تيار «المستقبل». لا بل إن قوة الكتل الأخرى ستبقى كما هي، وهذا ما تقوله إحصاءات الخبراء.
ولاحظت المصادر، أن مواقف الرئيس نبيه بري لا تعني أن اللجوء الى قانون الستين محسوم. إذ لا يزال الى الآن يترقب حركة المشاورات والاتصالات. فهو يصف الوضع ولا يبشر به.
وتشير مصادر سياسية الى أن «النسبية» تلقى أهميتها في ظل عدم وجود سلاح في البلد، وفي ظل أحزاب مختلطة وليس أحزاباً طائفية، حيث لدى كل حزب مرشحون من كل الطوائف، وحيث لدى كل حزب برنامج لكل لبنان. وبالتالي يقوم المواطنون بالتصويت لمشروع وليس لطائفة أو توجه.
أما اليوم فمن يشدد على «النسبية» هو الأقوى على الأرض من جراء السلاح وهو يدرك أنه بـ«النسبية» سيحصل على النتيجة ذاتها التي لديه حالياً.
أما المسيحيون فسيكونون أيضاً الأقوياء في ظل تحالف «القوات» مع «العونيين».
أما حزبا «الكتائب اللبنانية» و«الوطنيين الأحرار» فستكون قوتهما أقل قليلاً. في حين أن الطائفة السنية هي الأكثر تأثراً لأن القوى السنية الكبيرة لا تمسك بالسلاح في الشارع. وهناك تيارات داخل الطائفة، لكن يبقى تيار «المستقبل» الأقوى. إنما لا يعني أن البقية لن يدخلوا البرلمان. والمسيحيون سيصبحون أقوى ويحصدون نتائج، والشيعة، أي تحالف «حزب الله» وحركة «أمل»، سيحصد النتائج ذاتها تقريباً. فهل يمكن التعويل على الحلفاء في تقوية المسار السياسي الذي تتمسك به بعض القوى؟ وسط تمايز المواقف من «النسبية» ومعدلاتها.
وعلى الرغم من كل التحديات أمام تيار «المستقبل»، فإن رئيسه الرئيس سعد الحريري يقول إنه يسير بما يتم التوافق حوله، وإن ما يريده الحلفاء أيضاً يسير به.
في الانتخابات النيابية العام 2009 قال السيد حسن نصرالله إن من يربح يحكم، ومن يسقط يعارض. خسر الحزب وحلفاؤه فقال النائب نواف الموسوي إنهم لن يقبلوا بأن تشكل 14 آذار حكومة «من دوننا». أي عندما خسروا قلبوا كلام نصرالله.
أما الآن، إذا تم تمرير القانون الذي يريدونه فسيصبح لديهم الأكثرية مع حلفاء جدد.
فهل سيقبل الحزب عندها بحكومة وحدة وطنية، ويقول إن الأكثرية أكثرية، والأقلية تعارض. ما يعني في حال حصول ذلك، الوصول الى تسلم الحزب الشرعية وفق قانون من اختياره.
عندما ربحت 14 آذار الانتخابات جرى انقلاب على الكلام، الى الحد الذي تم فيه إسقاط حكومة الرئيس الحريري. هذا ما حصل على أساس قانون لا تريده كافة مكونات 14 آذار، فكيف إذا تمت الانتخابات على قانون يريده هو؟
العملية ليست سهلة، إلا إذا غابت النية الانقلابية لاحقاً.
هناك قوى تقول إن قانوناً جديداً سيتم التوصل اليه، وإن تأجيلاً تقنياً للانتخابات سيحصل. لكن السؤال، متى؟ لا تستطيع أي جهة الإجابة عن هذا السؤال.