Site icon IMLebanon

أسهُم التوافق ترتفع في الشيّاح… الأولويّة للإنماء

تتريّث معظم القوى السياسية في إعلان أسماء مرشّحيها أو حتى تصوّرِها للمعارك الانتخابية، في انتظار تبلوُر الصورة أكثر، وهذا الأمر ينطبق على الشيّاح التي كانت مسرحاً للحرب، لكنّها نفضَت غبار المعارك عنها وبات الإنماء أولوية أهلها.

لا يختلف المشهد الانتخابي في الشياح عن البلدات اللبنانية الأخرى، إذ إنّ الاتجاه يكون أوّلاً بإعطاء الفرصة للتوافق إذا كان هناك رئيس بلدية يَحظى بحيثية وحقّقَ خلال ولايته إنجازات إنمائية، من ثمّ يرفع كلّ حزب أو تيار أو قوّة محلية وعائلية سقفَ مطالبه أثناء التفاوض لترسو الأمور في نهاية الأمر على التوافق أو معركة خجولة، خصوصاً بعدما تبيّنَ أنّ الأحزاب الفاعلة تتجنّب المعارك في البلدات لكي لا تخلقَ تنافراً مع القاعدة الشعبية التي تلتزم الحسابات المحلّية في هذه الاستحقاقات.

عند الحديث عن الشيّاح، تلتبس لدى الرأي العام طبيعة المنطقة لجهة انتمائها المذهبي والطائفي، خصوصاً بعدما رسَخ في الأذهان أنّ عين الرمّانة هي المنطقة المسيحية والشيّاح هي المنطقة الإسلامية وقد فصَلهما خط التماس الشهير.

لكنّ الحقيقة تختلف كثيراً عمّا يَعتقد معظم اللبنانيين، فالشيّاح منطقة مسيحية صرف، تضمّ نحو 9500 ناخب مسيحي، ثلثاهما من الموارنة، ويتوزّع الثلث الباقي بين المذاهب المسيحية الأخرى، فيما تضمّ 200 ناخب فقط موزّعين بين سُنّة وشيعة، أمّا منطقة عين الرمّانة فتتبع عقاريّاً لفرن الشبّاك، بينما يتبع حيّ كرم الزيتون الشيّاح.

قبل اندلاع الحرب الأهلية كان سائقو الأجرة يوصِلون الراكب عبر طريق صيدا القديمة ويسألونه هل تريد أن تنزل في الشيّاح الداخلية أو الخارجية أي الغبيري التي تقطنها غالبية شيعية ولها بلدية منفصلة، ومن هنا وقعَ الالتباس في تسمية المنطقة. وقبل أن تقعَ حادثة البوسطة الشهيرة في عين الرمّانة، شكّلت طريق صيدا القديمة الخط الفاصل بين أحزاب اليمين المسيحي في الشياح وعين الرمّانة، والقوى الفلسطينية واليسارية.

يُعتبر رئيس البلدية الحالي إدمون غاريوس من القوى البارزة في المنطقة، إضافةً الى الأحزاب المسيحية مثل «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر» والكتائب، وحتى الساعة لم تظهر أيّ بوادر معركة في الشيّاح، إذ إنّ الاتّجاه الغالب للأحزاب هو للتوافق مع غاريوس، في حين لم يعلن أيّ مرشّح أو حزب دعمَ أحد للرئاسة.

ويؤكّد غاريوس لـ«الجمهورية» أنّ «الأمور تتّجه مبدئياً نحو التوافق، إذ إنّ «التيار الوطني الحر» وبقيّة القوى السياسية الفاعلة تبدي ليونةً للوصول إلى التوافق الذي نطمح إليه»، مشيراً إلى أنّ «اللائحة التي ننوي تشكيلها ستضمّ كلَّ الأفرقاء السياسيين والعائلات».

ويوضح غاريوس أنّ «التعديلات التي ستطرأ على اللائحة ستحافظ على فريق عمل متجانس من أجل الاستمرار في عملية الإنماء التي بدأناها والتي تجلّت في عدد من المشاريع الرياضية والثقافية ومرآب للسيارات»، مؤكّداً «أننا سنستمرّ في نهج الإنماء الذي اعتمدناه بعيداً عن الخلافات السياسية».

في هذه الأثناء، تدرس الأحزاب جيّداً المسار الذي ستتّجه إليه الانتخابات البلدية. وفي حين سرَت شائعات في بعض الأوساط عن إمكان ترشّح عضو المجلس البلدي والقيادي في «القوات» نادي غصن لرئاسة البلديّة، ينفي غصن نفياً قاطعاً كلَّ ما يدور في هذا السياق.

ويؤكّد لـ«الجمهورية» أنّها «إشاعات»، لافتاً إلى أنّه لا يخجل بما يفعل أو ينوي القيام به، «ولو كنتُ مرشّحاً لأعلنت ذلك، لكنّنا كحزب إنكبَبنا على التحضيرات لأننا نضع كلّ السيناريوهات أمامنا، ويبدو أنّ البعض رأى في ذلك تحضيراً لترشّحي إلى الرئاسة، وهذا أمرٌ غير صحيح».

ويشير غصن إلى «أننا نعمل راهناً للتوافق مع غاريوس، ونتابع اتّصالاتنا معه ونحن في تشاور دائم، وهذا الأسبوع أحرزنا تقدّماً، لكن لا شيء نهائياً، وما زلنا في إطار المبادئ ولم ندخل في التفاصيل»، مشدّداً على أنّ «تحسين تمثيلنا مع «التيار الوطني الحر» نسبةً إلى حجمنا هو مطلب أساسي، ونحن نفاوض سويّاً والقرار سنأخذه سويّاً».

في الانتخابات البلدية الأخيرة عام 2010، كان «التيار الوطني الحرّ» يتحدّث قبل أشهر عن خوض معركة شرسة في الشيّاح ضدّ غاريوس، لكنّ المفاجأة كانت بذهابه إلى التوافق بعدما اكتشف أنّ الجوّ العام في الشياح يؤيّد غاريوس ولا يستطيع منافستَه.

أمّا اليوم، فيؤكّد منسّق التيار في بعبدا ربيع طرّاف لـ»الجمهورية»، «أنّنا نرغب في التوافق من أجل تجنيب المنطقة معركةً انتخابية، فعلاقتُنا جيّدة مع غاريوس وقد تحسّنت كثيراً، إنّما هناك مجموعة مطالب سنَحملها إليه ونأمل التجاوبَ معها».

ويؤكّد طرّاف أنّ «المطلب الأساس هو تحسين التمثيل داخل البلدية»، مشيراً إلى «أننا نذهب للتفاوض موحَّدين مع «القوات» ونبدي كلّ رغبة في الوصول إلى اتّفاق، شرط أن يكون على أساس سلّة كاملة متكاملة، أمّا في ما يخصّ مطالب الكتائب فلا علاقة لنا بها، بل ننسّق مع «القوات». لكنّ طرّاف يعلن في المقابل «الاستعداد لكلّ الاحتمالات، بما فيها المعركة الانتخابية، إلّا أنّ الفرصة تعطى حاليّاً للتوافق».

قد يكون من المبكر الدخول في الحصص والمطالب، على رغم ترداد البعض أنّ «القوات» و«التيار» يطالبان بنصف أعضاء البلدية، مع العِلم أن لا شيء نهائياً أو مؤكّداً بعد. وفي هذه الأثناء، قرّر حزب الكتائب دعمَ لائحة غاريوس مهما كانت نتيجة المفاوضات بين غاريوس و«التيار» و«القوات».

وفي السياق نفسه، يوضح مسؤول إقليم بعبدا الكتائبي رمزي أبو خالد أنّ «دعم غاريوس هو أمرٌ اتّفقنا عليه، بغَضّ النظر عن الأسماء والحصَص»، لافتاً إلى «أنّنا باقون معه حتى لو شكّلَ «القوات» و»التيار» لائحةً مضادّة».

ويؤكّد أنّ «الاستراتيجية العامة للحزب هي التحالف مع العائلات والفعاليات المناطقية التي عملنا معها على مدى 6 سنوات وعدم إلغائها، فاتّفاق الأحزاب جيّد لكنّ إلغاءَ هذه الفعاليات التي تعمل في الإنماء أمرٌ غير مقبول».

تتّجه الأنظار إلى المنحى الذي سيَسلكه التفاوض في الأيام المقبلة، مع تأكيد الجميع أنّ الأولوية هي للتوافق، وسط إبداء القوى السياسية والمحلّية رضاها عن أداء غاريوس.