IMLebanon

التنافس في جونيه يتجاوز البلدية!

تتجلّى الديموقراطية الحقيقية، الى حد ملحوظ، في محافظة جبل لبنان أكثر من سواها من المناطق اللبنانية. المشهد يبدو أحياناً وكأنه في بلد أوروبي. على الصندوقة الواحدة يلتقي المرشحون، يتصافحون، كثيراً ما يتبادلون تقبيل الوجنات، يقف بعضهم أمام الكاميرات يدلي برأيه المباشر بحرية، ثم يصافح خصمه ويغادر، في وقت يكون المرافقون والأنصار يتبادلون التحية بحرارة ملحوظة.

هذا المشهد عايناه، أمس، في أماكن عدة من الدوائر الإنتخابية وبالذات في جونيه حيث حماوة المعركة تتجاوز سواها…

وبالرغم من تبادل الإتهامات بالرشاوى وبانتقاء البرامج »الوهمية«، بقيت المشاعر مضبوطة الى حد كبير.

ولولا الحادث الذي جرى في تلك الدائرة في جرود جبيل، بين »أبناء العم من آل زعيتر« لكان المشهد يدعو فعلاً الى الإعتزاز في منأى عمّن يربح ومن لا يفوز.

ولكن هذا لا يعني أنّ بعض المنافسات لا يشكل صراعاً سياسياً كبيراً، كما يبدو في جونيه بالذات حيث تألّبت قوى مهمّة في مواجهة اللائحة المدعومة من العماد ميشال عون… وكانت ملامح معركة رئاسة الجمهورية ظاهرة للعيان، وقد شارك فيها زعماء وقيادات وأحزاب محلية (كسروانية) ومن خارج المنطقة. والذين خاضوا هذه المعركة كان هدفهم كسر شوكة الجنرال فلا يبقى المرشح الذي يقول إنه يمثل الأكثرية في الوسط المسيحي.

أكثر الذين أحرجتهم معركة جونيه كان فريق القوات اللبنانية. وفي تقديرنا أن الدكتور سمير جعجع لم يكن مرة محرجاً في الإنتخابات البلدية، بما فيها تلك اللاحقة في الشمال والجنوب، كما كان محرجاً أمس في جونيه بالذات وليس في كسروان كلها.

فالحكيم وجد جمهوره محتاراً جراء التردد في قرار القيادة (وهو رئيسها مطلق الصلاحية) بين أن يؤيد اللائحة التي شكلتها العائلات بما يتعارض وموقفه »التاريخي« من العائلات وموقفها منه… وبين تأييد اللائحة التي يدعمها (بقوة) حليفه المستجد الجنرال عون.

وموقف القوات المتردد ليس وليد الواقع الكسرواني وحسب، بل يصحّ فيه القول ان التنافس في  جونيه والمعركة في قصر بعبدا.

اضف ما ردد البعض عن الدعم القوي الذي يقدمه المتموّل الكبير الذي هو أيضاً ليس على مزاج الحكيم… وكانت قد فشلت تلك المحاولة الجدّية التي قام بها المرحوم رينيه أنطون الصديق المشترك بينه وبين المتمول الكبير للتوفيق بينهما فجمعهما في بلد أوروبي شرقي، قبل سنوات، ولم يوفق في مسعاه ثم قضى بسكتة قلبية وهو في ريعان الشباب رحمه الله. الا ان المعلومات المتداولة عن هذا الدعم تفتقد الى الجدية.

نكتب هذا الكلام ولم تبدُ، بعد، أي ملامح للنتائج في جونيه، إلاّ أنّ حدة الصراع على الأرض بين الأطراف المذكورة أعلاه تنبىء بأنّ جونيه هي النقطة المفصلية في المعركة الإنتخابية بما يتجاوز بكثير مجرّد تنافس على بلدية.