IMLebanon

اكتمال دائرة اللاءات في معركة التوازن

لبنان المهدّد بتشديد العقوبات المالية الأميركية على حزب الله وتوسيعها، مهدّد أيضا بعقوبات سياسية محلية تحرم اللبنانيين من الانتخاب واعادة تكوين السلطة. مخاطر العقوبات الأميركية دفعت أكثر من طرف للتحرّك وأكثر من وفد للذهاب الى واشنطن في محاولات لتفادي إقرار العقوبات أو أقلّه لتخفيفها وتضييق مساحة تطبيقها. ومخاطر العقوبات المحلية لم تدفع ملوك الطوائف حتى الى تخفيف مضاعفات الخلاف على قانون الانتخاب ضمن الصراع على ما هو أكبر. فما اكتمل في الدوران حول الدوائر الانتخابية هو دائرة اللاءات التي صار لبنان أسيرها: من لا للتمديد، لا للفراغ، لا لقانون الستين الى لا اتفاق على قانون جديد. وما يزيد من خطورة الأسر هو تكامل الأزمات السياسية والمالية والاقتصادية والاجتماعية، وسط ما حولنا في المنطقة من حروب وتحولات وتمزّق خرائط.

ومن السهل على كثيرين الركون الى انطباع خلاصته ان المتحكمين بنا يلعبون في الوقت الضائع بانتظار مواعيد وتطورات في المنطقة. لكن من الصعب على الجميع تجاهل كون هؤلاء يتلاعبون بالوقت في لعبة محلية بلا خوف من أية مسؤولية عن الفشل. فلا حدود للقدرة على الفشل من دون أن يهتز أي موقع أو أن يتغيّر أحد أو أن يسقط شيء. ولا معنى حاليا للتحذير من الوقوع في الهاوية، لأننا في قعر الهاوية.

والتحدّي هو أن نعمل بنجاح، لا بتكرار العجز والفشل، للصعود من الهاوية.

ذلك أن محور الأزمات السياسية على سطح نظامنا الطائفي الذي هو نظام الأزمة الدائمة في العمق كان ولا يزال الخلل في التوازن. وهو خلل متنقّل عبر التبدّل في موازين القوى بين الطوائف. ومحور التسويات كان ولا يزال السعي لتصحيح الخلل في بلد لا قيامة له من دون التوازن. وليس الخلاف على قانون الانتخاب سوى كباش بين من يلعب الخلل في التوازن لمصلحته وبين من يريد استعادة الوزن الكامل لضمان التوازن.

لكن قانون الانتخاب، على أهميته الكبيرة ومهما تكن صيغته، ليس السلاح الوحيد الذي يضمن تصحيح الخلل. فلا صاحب الوزن الطابش يلعب دور كاريتاس ويستعد بسهولة للتخلّي عما يلائمه في الوضع الحالي. ولا استعادة التوازن مجرد مسألة حسابية انتخابية مفصولة عن حسابات المشاريع المحلية المربوطة بمشاريع اقليمية. فضلا عن اننا في نظام يعطي للطوائف حق الفيتو. والمعادلة ثابتة: لا طرف يستطيع الحصول على كل ما يريد، وكل طرف يستطيع تعطيل كل ما يرفض.

كان ماوتسي تونغ يقول ان الأمور يجب أن تسوء كثيرا لكي تصبح أفضل. وأقصى الآمال ان تنطبق علينا هذه النظرية التي تحققت في الصين بعد رحيل ماو.