IMLebanon

«اكتمال» السلطات اللبنانية في إطار الحل السوري؟

«العالم كله تغيّر والأوراق بعثرت من جديد، والإرهاب العابر للحدود والقارات فرض نوعا من حرب شاملة بقواعد وحسابات مغايرة للحرب التقليدية، وما كان مرفوضا منذ أجل قريب سيصير مقبولا بشدة في الايام المقبلة، بعدما تبيّن ان لا خيمة فوق رأس أحد في الداخل والاقليم وعلى مستوى العالم».

هذا ما يقوله مرجع سياسي التقى عددا من سفراء الدول الشقيقة والصديقة، وكان محور الحديث ما شهدته باريس من «استباحة ارهابية غير مسبوقة في جرأتها ووحشيتها وعلانيتها، وضعت كل المنظومة الامنية العالمية امام حتمية مراجعة جذرية لوسائل التعامل مع هذا الارهاب، الذي يستحيل مواجهته بشكل فردي». وعليه، فإن المطلوب «شراكة عالمية تحدد فيها المسؤوليات ويرفع الغطاء الى غير رجعة عن اي فرد او جهة او نظام او دولة لا زالت تفعل الشيء ونقيضه، كأن تعلن مواقف مناهضة للارهاب بينما تستمر في رفده وتغذيته بكل اسباب النمو والتوسع».

لا يحتاج المرجع ومعه السفراء إلى تحليل أو استنتاجات للقول بوجه الشبه بين الجريمة الإرهابية في برج البراجنة، وبين ما حصل في باريس لجهة عدد الارهابيين والكتلة البشرية المستهدفة، الامر الذي يضع كل دول العالم امام تحدي الاستعداد السريع للمواجهة لان التهديد واقع عليها جميعها.

يقرّ المرجع، وأيضا السفراء، «بصوابية انتقال روسيا الى العملية الاستباقية في سوريا لمحاربة الخزان الجهنمي للارهاب التكفيري على الارض السورية، بعدما اثبتت كل التقارير العسكرية والامنية ان التمدد حاصل لا محالة، وان الاعداد الهائلة للاجئين الى اوروبا ومنها الى دول العالم بينهم أعداد لا يستهان بها من الارهابيين المنتقلين، ليس لبدء حياة جديدة مسالمة، انما بمهمة أساسية هي تحويل هذه الدول الى ساحات لارهابها المتنقل من عاصمة الى اخرى».

يتحدث المرجع عن الواقع اللبناني ويوافقه السفراء لجهة أن «الدخول الروسي العسكري على خط الأزمة السورية وذهاب العالم أجمع قريباً إلى شراكة في محاربة الإرهاب، وضع كل الأوراق المعلّقة والكامنة على الطاولة من جديد، وصار لزاماً الذهاب سريعاً إلى وضع إطار لحل الازمة السورية وفق تسوية سلمية ترتكز على قاعدة محاربة الارهاب والشراكة بين السلطة والمعارضة المعتدلة في إدارة الشأن العام. وبمجرد تثبيت إطار الحل السوري سيكون لبنان ممراً إجباريا لهذا الحل من خلال تحرير ملفاته المعلقة عبر تسوية شاملة، لان الارادة الاقليمية والدولية المجتمعة سورياً هي نفسها التي ستبادر الى التسريع في انجاز التفاهمات اللبنانية لانجاز الحل اللبناني».

وإطار الحل اللبناني يستند، حسب المصادر نفسها، إلى «انتخاب رئيس جمهورية يتمتع بالحيثية والاعتدال، وهذا يعني أن كل الاسماء المطروحة تنطبق عليها هذه الصفة كلّ من زاوية معينة، ولكن سيتقدم خيار المرشح القادر على ترجمة التوافقات الشاملة والتعهدات المبرمة على أرض الواقع، أي أن الحيثية الشعبية والقدرات القيادية ستصبح حاجة ملحة في إبرام التسوية السياسية الشاملة في لبنان». وهنا ستكرّس ثابتة التوازن في المواقع الدستورية لجهة وصول الاكثر تمثيلا، بما سينسحب على قانون الانتخاب والتركيبة الحكومية، مع إضافة، لم يعد ممكنا تجاوزها، وهي الذهاب الى تنفيذ البند المهمل في اتفاق الطائف أي مجلس الشيوخ بما يشكله من عامل طمأنينة لمكونات الطيف اللبناني.

تؤكد المصادر عينها ان اي حل سوري سيستبق بحل للملفات اللبنانية وفي مقدمها إنهاء الفراغ في رئاسة الدولة، لانه لا يمكن حل الازمة السورية وإبقاء لبنان من دون اكتمال سلطاته الدستورية نظرا للتداخل القوي في السياسة والجغرافيا بين البلدين، الامر الذي سيجبر الفرقاء اللبنانيين للذهاب الى انتخاب رئيس جمهورية واسقاط المقاطعة لصالح التــلاقي والتــفاهم، خصوصا انه على الرغم من التحديــات التي يواجهها لبنان سياسيا وامنيا واقتصاديا مع معضلة النازحين السوريين، فان الوضع الداخلي في لبنان لا يزال يعطي فرصا للحل، مما يؤكد ان المشكلة ليست في النظام انما في اشخاص النظام الذين تعمدوا ادارته بشكل خاطئ. وعليه، تشدد المصادر على ضرورة «الاتعاظ مما يحصل وعدم العودة الى منطق الخصومة السياسية»، مؤكدة أن كل ما يجري في الداخل ومن حولنا وفي العالم يستأهل لبنانيا التوصل الى حلول لكل الملفات، وهي ليست عصية على الحل اذا كان المنطلق الاعتراف بالآخر».