Site icon IMLebanon

تعقيدات وتحديات مرحلة ما بعد انجاز الانتخابات النيابية؟!  

 

أياً ما الت اليه الانتخابات النيابية المقبلة من نتائج وتوزعات عددية، على الافرقاء السياسيين الوازنين، فإن لبنان سيكون امام مشهدية بالغة الدقة والتعقيد على المستويات الداخلية والاقليمية والدولية كافة، قد تؤدي الى أزمة مفتوحة زمنياً تتجاوز قدرات أفرقاء الداخل على حلها من دون »وساطات خارجية«، بشكل او بآخر، ومن دون تنازلات من هذا الفريق او ذلك، خصوصاً ما اذا امتلك أحد الافرقاء غالبية معينة »معطلة«؟!

 

وإذا كان رئيس مجلس النواب نبيه بري مطمئن لترؤسه مجدداً المجلس النيابي، فإن تشكيل الحكومة الجديدة، سيكون من أحد أبرز عناوين الازمة المتوقعة –  وان كان الاتفاق بات شبه محسوم، على شخص الرئيس سعيد الحريري رئيساً للحكومة المقبلة، من دون الدخول في التفاصيل، على رغم حدّة الخطاب السياسي – الانتخابي بينه وبين »حزب الله« شريك حركة »أمل«، في »الثنائي الشيعي« – إن لجهة توزيع الحقائب الوزارية، وان لجهة البيان الوزاري، وان لجهة الازمات الضاغطة والعلاقات الاقليمية، وان لجهة »الاستراتيجيا الدفاعية« ومصير سلاح »حزب الله« الموصوف بأنه »سلاح غير شرعي« وما يتعرض له لبنان جراء ذلك من ضغوطات دولية، في مقدمها الضغوطات الاميركية، وأدت الى اطلاق رئيس الجمهورية العماد عون وعداً باستئناف الحوار الوطني حول هذه المسألة بعد انجاز الانتخابات.. إضافة الى الازمة المستجدة والمتعلقة بـ»النزوح السوري في لبنان..« التي تفجرت على نحو غير مسبوق بعد مؤتمر بروكسل الاخيرة، وحضره رئيس الحكومة سعد الحريري – والمواقف المتقاطعة على رفض ما جاء في البيان الختامي للمؤتمر والصادرة عن رئيسي الجمهورية ومجلس النواب ووزير الخارجية جبران باسيل ولم يعلق الرئيس الحريري على ذلك وهو الذي كان مشاركاً في المؤتمر مع عدد من الوزراء..

في قناعة العديد من المتابعين، أنه »ما كان ينقص لبنان الفارق في الحملات والمعارك الانتخابية..« إلا ملف النازحين السوريين، الذي أطل مادة خلافية مع »المجموعة الدولية« بعد جلسة مجلس الوزراء في القصر الجمهوري في بعبدا، أول من أمس، عبر عنها رئيس الجمهورية ووزير الخارجية واصفين ما ورد في البيان الصادر عن مؤتمر بروكسل عن »العودة الطوعية« للنازحين »والعودة المؤقتة« و»ارادة البقاء« و»الانخراط في سوق العمل« بأنها عبارات »تتناقض وسيادة الدولة اللبنانية وقوانينها».. ويتعارض مع القسم الرئاسي و»يعرض لبنان للخطر، لأن مؤداه توطين مقنع للنازحين السوريين في لبنان..« مع التشديد على عدم ربط عودة النازحين بالحل السياسي.. ولم يطل الوقت، حتى دخل الرئيس نبيه بري على الخط، وعلى نحو لافت وغير متوقع، أعاد التذكير بمطالبته بالتنسيق مع الحكومة السورية في سبيل اعادة النازحين »الى المناطق المحررة والتي أضحت آمنة..« وقال في بيان ليلي، »على رغم كل العلاقات الديبلوماسية والامنية والتنسيق في الامور الاقتصادية والكهربائية بين لبنان وسوريا، بقيت الحكومة اللبنانية كأنها لا تسمع ولا ترى، حتى جاء البيان الاممي الاوروبي المشترك بما يضمر لنا من توطين، وبما يضمر لسوريا من تفتيت، لذلك أعلن رفضي بإسمي وباسم مجلس النواب مجملاً وتفصيلاً البيان المذكور..«.

لم يعلق رئيس الحكومة على كل ذلك، وبقي معتصماً بالصمت ولم يرد على الوزير باسيل الذي رفع السقف عالياً جداً، وهو الذي أشاد مرات عدة بمؤتمر بروكسل واعتبره »رافعة لدعم لبنان في ملف النازحين..«. وهو يتهيأ لاستئناف زياراته الانتخابية الى شمال لبنان، لوضع اللمسات الاخيرة لما ستؤول اليه في طرابلس وعكار والضنية والمنية، بعد زياراته الجنوبية والبقاعية.. وهو يضع يديه في ماء بارد، مطمئنا الى أنه سيعود الى موقعه بعد الانتخابية بغالبية نيابية وازنة.

ليس من شك في ان ما حصل شكل مفاجأة وعلى غير مستوى، لن تمر من غير تداعيات على مرحلة ما بعد انجاز الانتخابات النيابية، الحافلة بالملفات الساخنة والمعقدة، ومن بينها »الاستراتيجيا الدفاعية« التي يصر الرئيس العماد عون على تمريرها، أيا كان الثمن.. وان كان البعض لا يرون ذلك ممكنا.. خصوصاً وان هذه المسألة ليست بنت اليوم، وليست بنت البارحة وقد بدأت مع عهد الرئيس السابق ميشال سليمان وارجئت لاعتبارات عديدة، بعد ادراجها في »اعلان بعبدا« الذي تحول، برأي البعض، الى »وثيقة رسمية لدى المنظمات العربية والدولية..« فيما يتجاهلها »حزب الله« الذي دعا الرئيس سليمان الى »غليها وشرب زومها..«؟!

على أهمية انجاز الاستحقاق الانتخابي، فإن التحدي الأكبر سيكون بعد هذا الانجاز، وما ستفرزه صناديق الاقتراع لن يكون كافيا لحل أزمة الملفات الموقوفة، على تعددها وتعدد موضوعاتها وما يمكن ان يتركه ذلك من تداعيات على تشكيل الحكومة الجديدة والمهلة الزمنية التي لا تقل أهمية.. خصوصاً وان الازمات الدولية – الاقليمية تحفر بقوة في علاقات الخارج مع الافرقاء اللبنانيين كافة، كل حسب قناعاته ومصالحه.. وليس في المعطيات المتداولة ما يؤشر الى وجود »تسوية ما«، وان احتاجت الى وقت طويل او قصير، او بين بين؟!