على رغم التكتم الشديد الذي يتحرك الرئيس سعد الحريري من خلاله، تنشط التسريبات القائلة ان رئيس تيار المستقبل سيعلن اسم مرشحه للانتخابات الرئاسية في موعد اقصاه اواسط شهر تشرين الاول الجاري، وتزيد التسريبات ايضا ان الرئيس الحريري حسم امره بالنسبة الى تأييد ترشيح رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون، فيما لم يفصح احد عن الاسباب الكامنة وراء تزكية ترشيح عون، باستثناء ما تردد عن ان السبب الرئيسي »حشر« حزب الله في الزاوية، بما في ذلك دفعه للنزول الى مجلس النواب والتصويت للجنرال بعكس ما يقال في بعض الاوساط عن ان الحزب غير مهيأ لان يسهم في جلسة الانتخاب؟!
ثمة سؤال في هذا المجال يقول كيف سيتخلص الحريري من الدعم الذي اعلنه سابقا لرئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، لان كثيرين قالوا كلاما عن ظرف محرج سيجد الرئيس الحريري نفسه فيه جراء تغيير اسم مرشحه، خصوصا ان ظروف تسمية العماد عون مختلفة تماما قياسا على ما كان سائدا بالنسبة الى التسمية الاولى التي تباينت بين المرشح رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع وبين المرشح الثاني النائب سليمان فرنجية.
ان التباين المشار اليه ليس مجرد نزوة عابرة، خصوصا ان جعجع عاد ورشح عون بعد خروجه من السباق الرئاسي الذي ادى تلقائيا الى ما يشبه الخطأ المطبعي، لاسيما ان تسمية عون تختلف جذريا عن تسمية فرنجية، ما يعني ان التباين لا بد وان يأخذ في طريقه الخلاف في الاسم وفي ابعاد الترشيح.
يفهم من كل ما تقدم، ان الامور الرئاسية مرشحة لان تسجل تغييرا واضحا بالنسبة الى اسم الجنرال على رغم كل ما يعنيه ذلك من احراج متبادل سيؤدي تلقائيا الى ما يفهم منه ان فرنجية ومن معه سيقفون في خط معارضة الحريري، والشيء بالشيء يذكر بالنسبة الى ما اذا تغير المعادلة السياسية وبين اسمه او اكثر وعندها لا بد من القول ان حزب الله لن يكون محرجا في غيابه في حال لم يكن مرشح قوى 14 اذار عموما والحريري خصوصا الى جانب قوى حزب القوات الذي قالها صراحة انه مع العماد من لحظـة خروج جعجع من السابق الرئاسي؟!
المهم في هذا المجال ان لا يتأثر اعلان ترشيح العماد عون كي لا تأخذ القصة مجرى مختلفا من شأنه اعادة خلط الاوراق السياسية بصورة تزيد الامور تعقيدا وهذا على الجميع معرفته بصريح العبارة وكي لا يقال لاحقا ان الملف الرئاسي قد ضاع بين اكثر من موقف ومن اجتهاد في وقت واحد، خصوصا بعد انقضاء سنتين ونصف على الفراغ الرئاسي، الذي اوصل البلد الى حال من الاختناق الاداري والدستوري والاقتصادي.
وما يثير الدهشة ان الكلام على تسمية الجنرال عون مرشح تسوية لم يفاجئ سوى قوى 8 اذار التي ما كانت تنتظر مثل هكذا انقلاب في موازين القوى، بعد طول مماحكة لم يفهم منها الى الان ان الامور السياسية كانت واضحة المعالم، لان ترشيح فرنجية قد غير الكثير من المعالم التي تحتاج الى توضيح من غير النوع السائد، الا اذا كان المقصود دفع البلاد الى مزيد من الاختناق، كي لا نقول المزيد من الصراع السياسي غير الايجابي، طالما ان اصحاب المصالح لم يستوعبوا الى الان من هو مرشح لاصلاح الخلل السياسي وغيره، لان النتيجة واحدة؟!
يفهم من كل ما تقدم ان الاختناق السياسي لا يزال واردا، ربما لان قرارا نهائيا لم يصدر الى الان، وقد لا يصدر من غير حاجة الى المزيد من الخوض في المؤثرات والمصالح عندما يقال ان الحل لم يعد بعيدا، او ليس في متناول اليد، لاسيما بعد طول كلام عن تعقيدات اقليمية ودولية جعلت الجميع على قناعة بوجود استحالة امام انتخاب رئيس جمهورية، الى ان تبين ان مشاكلنا داخلية ليس الا، لان المستجدات قد اظهرت هذه الحقائق بوضوح لا لبس فيه، بدليل ان اسباب التأخر في تسمية الرئيس العتيد كانت ولا تزال مبررة بصريح العبارة؟!