Site icon IMLebanon

شامل روكز.. «قائد» مع وقف التنفيذ!

تدريجاً تتّسع رقعة الضوء من حول شامل روكز. لم يكن الرجل يوما ضمن دائرته، لكن السباق مع الوقت سيجعل العسكري أكثر فأكثر قي قلب اللعبة السياسية، وربما متصالحاً مع قواعدها وشروطها.

بعد الرئاسة المؤجّلة، ينخرط ميشال عون في معركة قيادة الجيش حتى العظم متمترساً خلف القانون أولا. وفي مقابل صخب الرابية، يغرق مقرّ العميد شامل روكز في قيادة فوج المغاوير في رومية في صمت يشبه تماما حال ساكنه.

الرؤية واضحة، لكن الطريق غير سالكة حتى الان: شامل روكز، بالمعيار العسكري، أحد أكفأ الضباط لتولّي المركز رقم 2 في الهرم الماروني، لكن العراقيل تبدو أكبر بكثير من ان تزاح «بيد من حديد»، خصوصا حين يُقصد استفزاز ميشال عون: الرئاسة مقابل قيادة الجيش!

برغم الضجيج الخارجي، العميد المغوار يبدو عسكريا أكثر من اي وقت مضى. لم يفتح بوابة «الفوج» للسياسة وزواريبها. وكأي ضابط ماروني، يعتبر نفسه معنيا باستحقاق قيادة الجيش، يواكب المشهد عن بعد. قبل 15 تشرين الاول، تاريخ احالته الى التقاعد، وحتى قبل ذلك بكثير ربما، ستكون المعركة قد حسمت، تعيينا او تمديدا. حتى ذلك الوقت، شامل يسمع ولا يعلّق. يداوم. ينفّذ المهمات. يعطي الأوامر ويلتزم بها.

معادلة ثابتة حَكَمت علاقة «الرئيس» جان قهوجي و»المرؤوس» شامل روكز. هكذا تصبح زيارة عادية لقائد الجيش الى فوج المغاوير «قصة كبيرة». عمليا، لبّى الأول الأسبوع الماضي دعوة الثاني لتدشين منشآت استحدثت في المقرّ بتمويل مدني. تناول وإياه طعام الغداء في نادي الضباط التابع للفوج، وتحدثا بنَفَس عسكري ودي جداً كما تقتضي التراتبية العسكرية.

«الجنرال الرقم 2» يحبّه العونيون ويرون فيه رمزا لحالة عُجِنت بقيم العسكر والبزة المرقطة. خصوم «التيار» يشاركون بعض «البرتقاليين» واقعة تستحق الذكر. المصاهرة ظلمت شامل روكز أكثر بكثير من جبران باسيل. الثاني، صار إلى ما صار عليه انطلاقاً من مسيرة نضالية تبدو متواضعة جدا أمام تضحيات عونيين آخرين، فكان للقربى العائلية الكلمة الفصل. الاول، وقبل «طلب القرب»، كان قد تحصّن بمسيرة عسكرية طويلة من معارك شرق صيدا عام 1985 الى سوق الغرب عام 1989 الى مخيم نهر البارد، ثم عبرا، عرسال والشمال. سيرة ذاتية، برأيهم، تتقدّم على أي سيرة عائلية.

«حالة غرام» مع «شامل» تضبطها مواقع التواصل الاجتماعي، وكأن هذا الضابط قادر على فعل المستحيل. يكفي ان «يسكّر خطه» ليتراءى للعونيين بأن لا وسيلة لسحق العدو إلا بضربة قاضية بقبضة المغوار، وبأن السياسة تقف عند حدّها فقط عند عتبة شامل روكز. برأيهم، هو «قائد» حتى لو لم تصل اللقمة الى الفم.

شيء من «البروباغاندا» العفوية البسيطة التي لا تصنع وحدها مستقبل ضابط، فكيف إذا كان مارونيا. باعتقاد كثيرين، يدفع روكز ضريبة مُكلفة لدخول منزل «جنرال» عنيد لا يعرف الحلول الوسط، بعكس اغلبية ساحقة تقبض ثمن «طلبها قرب» السياسيين والزعماء. ويتفرّج، مع رفاق سلاح كقائد فوج المجوقل السابق العميد جورج نادر، على عدّاد الايام يسابق استحقاق التقاعد، فقط لان حسابات السياسة والارض والميدان تتفوّق على لغة القانون و»تداول السلطة» في الموقع العسكري الاول: قيادة الجيش.

أثار شامل روكز إعجاب وزير الداخلية، من دون أن يتفوّه بكلمة واحدة، وذلك يوم التقاه للمرة الأولى خلال عملية نقل السجناء الإسلاميين في رومية في منتصف شهر كانون الثاني الماضي. سمعه يتكلّم بصوت خافت جدا مع العسكر والضباط لكن بلهجة حازمة وصارمة تعكس شخصية قيادية بامتياز. انطباع نهاد المشنوق يكاد يكون مستنسخاً لدى كثيرين من خارج الدائرة البرتقالية.

في الأمر ما يعكس شيئا من المخفي في حياة ضابط، يحمل أثقالاً زائدة حين تزنَّر طريقه الى اليرزة بـ «الغام» رئاسة الجمهورية. انه يدفع الثمن الأكبر، برأي الحياديين، حين يحارَب من أهل بيته قبل الخصوم، وحين توضع العراقيل الداخلية أمامه ربطا بزعامة «تيار» مسيحي طويل عريض، سيأتي عاجلا ام آجلا أوان الحديث عن «وريثه»!

قمة التضليل حين يصوّر متمرّدا على قيادته. عمليا، هذا لم يحصل لا في عبرا ولا طرابلس ولا البقاع. ولا في اي مكان منذ لحظة نفي العماد ميشال عون الى باريس. من الالتزام بالقيادة الجديدة للعماد اميل لحود، ولاحقا في المواقع التي شُكّل اليها في المكافحة ولواء المشاة الثالث ومخيم خدمة العلم في الوروار وموقع حمانا ثم فوج المغاوير، وحماية امن السرايا الكبيرة خلال احداث السابع من ايار. مشكلة روكز الحقيقية، بحسب عارفيه، أنه يلتزم التعليمات وينفّذ الاوامر بصرامة شديدة!

يعرف عنه انه ليس من طينة الضباط اصحاب الاجتماعيات المفرطة، وأن لديه صداقات اجتماعية كثيرة. مؤخّرا توطّدت علاقته مع العديد من السياسيين بالاتجاهات كافة، من دون ان تحجز السياسة مكانا على «أجندة» الضابط. يقول عارفوه انه لم يتصرّف يوما على أساس انه محسوب على أي طرف، وربما يجدر سؤال خصوم ميشال عون عن هذا الامر.

هنا يصبح مباحا القول ان لروكز، وفق ما يقول هؤلاء، آراء سياسية تختلف احيانا كثيرة عن مواقف «جنرال الرابية» وتوجهاته. لا يلتزم الا بقناعاته. لا يساير أحداً. يمقت الاستزلام. مجبول بالحياة العسكرية، ويملك رؤية متكاملة لاعادة هيكلة الجيش.

«أسمى مهمة للجيش اللبناني هي الدفاع عن الحدود. العقيدة العسكرية واضحة وصريحة. العدو هو العدو الإسرائيلي وارض المعركة هي جنوب لبنان. والمهمة الأخرى هي مكافحة الإرهاب والتجسس». شعاره الأول «احتضان الناس أقوى سلاح للجيش». من هنا استنبط فكرة النشاطات التي ينظّمها «فوج المغاوير» بمشاركة المدنيين.

ماذا عن المسافة التي تفصله عن «التيار الوطني الحر» وأزماته؟

شامل روكز منفصل حاليا عن «التيار». حب من طرف واحد. موقع روكز العسكري يفرض نفسه ويبعده تلقائيا عن حلبة الصراع الداخلي حتى الآن. عارفوه يجزمون «تسكنه متطلبات البزة العسكرية وعلى رأسها الأمن وهيبة الجيش… وحين يخلعها سيكون هناك حديث آخر ومعادلات مختلفة».

هل يقبل روكز صيغة التمديد الوظيفي المقترحة له ولثلة من الضباط، كمخرج من مأزق القيادة؟

يجيب عارفوه أنه سيقول كلمته في اللحظة المناسبة.