Site icon IMLebanon

قلق من قلب المعادلات في عين الحلوة

خلافاً للسيناريوهات المتداولة حول ما تعرّض له مخيّم عين الحلوة من أحداث أمنية خلال الأسبوع الفائت، والتي وضعتها في سياق الإنخراط في مخطّط إرهابي مشبوه، أكدت مصادر نيابية مطّلعة، أن هذه الجولة من الإشتباكات هي مدار متابعة وبحث في أكثر من دائرة سياسية، وذلك لاستشراف أهدافها وارتباطها سواء كانت داخلية أو إقليمية. وعلى الرغم من إجماع فاعليات المخيّم السياسية والأمنية على اعتبار جولة الإشتباكات الأخيرة مجرّد إشكالات فردية بين حزبيين وعائلات فلسطينية، فقد أبدت المصادر نفسها توجّسها من أن يكون ما حصل نموذجاً عما قد تصل إليه الحال فيما لو ثبت أن هناك قدرة لدى أطراف خارجية على تحريك الوضع الأمني بحسب الأهواء الإقليمية، وذلك للضغط على الفلسطينيين وعلى اللبنانيين في آن.

وكشفت المصادر النيابية، أن الإتصالات التي واكبت وتلت الإشتباكات بين الأجهزة الأمنية اللبنانية والفصائل الفلسطينية، قد ركّزت على تعاون الطرفين لحماية الإستقرار داخل المخيم، والحؤول دون تورّطه في أية مخطّطات إرهابية، يسعى من يقف وراءها، إن كان في المخيّم أو خارجه، إلى الإيقاع ما بين الفصائل وقلب المعادلة الأمنية. وأوضحت أن كل القيادات الفلسطينية قد أجمعت على أن أمن مخيم عين الحلوة وكل المخيّمات هو خط أحمر، ولكنها في الوقت نفسه، أشارت إلى أن التدابير الأمنية المتّخذة لم ترتقِ إلى مستوى الحؤول دون تكرار هذه «الإشكالات»، أو تفادي امتدادها إلى أحياء أخرى. وأضافت أن ما تبع الإشتباكات من حوادث متفرّقة مثل إلقاء القنابل بشكل عشوائي في مناطق محدّدة، يوحي بوجود نوايا مبيّتة لإبقاء الوضع الأمني في دائرة التوتّر، وبالتالي إلهاء سكان المخيّم، وتحويل أنظار الفصائل عن كل الممارسات التي تجري في الكواليس.

وبحسب المصادر النيابية المطلعة على واقع المعالجات الجارية، خصوصاً على الصعيد الأمني، فإن تطويق تداعيات الأحداث الأخيرة يتطلّب عودة إلى مسلسل الإشتباكات الذي شهده مخيّم عين الحلوة منذ نحو عام عندما اندلعت فيه مواجهات كانت مختلفة عن كل جولات الإشتباكات السابقة بحيث شملت أحياء لم تكن تشهد سابقاً أية مشاكل، وإنما سُجّل فيها تواجد مسلّح لجهات متطرّفة من داخل وخارج المخيّم. وقد ربطت ما بين هذه التطوّرات التي تفصل بينها عدة أشهر، لافتة إلى أن أطرافاً فلسطينية تعمل على تسعير الخلافات الداخلية، وتحويلها بسرعة من إشكالات محدودة، إلى صراع واسع يهدّد المخيم بأكمله والمنطقة المحيطة به. وأكدت أن هذا التوجّه ما زال قائماً، وأن المسؤولين عنه ما زالوا في دائرة الشبهة، إذ حتى اليوم لم يُكشف الغطاء عن أي متورّط في الإشتباكات، وبرز توافق بين فاعليات المخيّم على حصر المعالجات بالنتائج وليس بالذهاب إلى المحرّضين على التفجير وملاحقتهم، مما يبقي الوضع الأمني غير مستقرّ على الأقلّ حتى اتضاح الصورة الفعلية، وتحديد الفريق الذي يقوم بخرق المعادلة القائمة من خلال تنفيذ عمليات اغتيال ورمي القنابل ونشر الإشاعات عن اقتتال داخلي وشيك.

وضمن هذا السياق، يبدو من الصعب الفصل ما بين مسلسل التوتّر المتنقّل في المخيّم، وتطوّرات المنطقة، ولا سيما الصراع السوري، كما خلصت الأوساط نفسها التي نبّهت إلى أنه، وعلى الرغم من حرص كل فصائل عين الحلوة والأجهزة الأمنية اللبنانية على ردع كل المحاولات لزجّ المخيّم في أتون الصراعات الإقليمية، فإن الوقائع الميدانية تشير إلى ارتفاع وتيرة التجاوزات المتطرّفة التي تقوم بها أطراف غريبة عن سكان المخيّم، وتعمل على قلب المعادلات الأمنية والسياسية القائمة فيه منذ سنوات.