Site icon IMLebanon

بخصوص تهمة «العنصريّة»

»العنصريّة»، نغمة سائدة هذه الأيام في لبنان، والمؤسف أنّ لبنانيّين هم أبطال هذه «التهمة» التي يقذفونها في وجه مواطنيهم اللبنانيين، ثمّة من يأخذ على عاتقه هذه الأيام تدمير سمعة اللبنانيين في حال تبنٍّ مشينة لأزمات فرضت على لبنان وتهدّد وجوده وكيانه، و«المجاملة» و«المحاباة» و«النفاق» غير مجدٍ في هذه اللحظة، خصوصاً في وجه مواطنين لبنانيين يدّعون عدم العنصريّة ويلبسون «الحسّ الإنساني» قناعاً زائفاً في وجه مواطنيهم، فيما لبنان بأكمله في مهبّ رياح الإرهاب والانتحاريين، فليسمحوا لنا، كفى نفاقاً وادّعاءات إنسانية فارغة!!

وللمناسبة، تُهمة العنصريّة لا تُزعجنا البتّة ما دامت حدودها أمن لبنان وسلامة شعبه، وليسمح لنا هؤلاء فقد ساهم كلّ اللبنانييّن وبكلّ طوائفهم في استقبال اللاجئين السوريين ومساعدتهم ومدّ يد العون لهم، بصرف النظر عن الاضطراب الذي يحدثه وجودهم في حياة اللبنانيين، البلد مكتظّ جداً، ولم يعد هناك من متّسع، جرائم تهزّ أمننا مرتكبوها سوريّون، سرقات، اعتداءات، إرهابيّون يُلقى القبض عليهم  خلايا نائمة وجميعهم سوريّون، انتحاريّون يهزّون أمننا واستقرارنا من الضاحية إلى القاع وجميعهم سوريّون، فيما يعيش اللاجئون السوريّون ويعملون ويتلقّون المساعدات الأممية، ويواصلون الإنجاب بشكلٍ مدهش، ولم يتعرّضوا لأيّ أذىً من اللبنانيّين، فعلامَ اتهامنا بالعنصريّة؟!!

يرفض الأمن العام منح تأشيرة لسوري للدخول إلى لبنان فيتّهم بالعنصريّة، تقوم قوى الأمن بواجبها فتتهم بالعنصريّة، بالأمس اتهمت قوى الأمن الداخلي بالعنصريّة بسبب مخفر القرعون، واضطرت لإصدار بيان توضيحي، يشدّد الجيش القبضة الأمنيّة فيتهم بالعنصريّة، فقط الذين يمارسون خطأً تاريخياً بحق لبنان بادّعاء الإنسانيّة، يعيدون صياغة الخطأ الذي ارتكبه لبنانيّون منذ أواخر الستينات عندما وقفوا مع الميليشيات الفلسطينية ضدّ لبنان، ودفعوا هم الثمن من أمن مناطقهم وبيوتهم وحرماتهم، وليس مسموحاً أن يتكرّر الخطأ مجدّداً، يمارس هؤلاء بداعي الإنسانيّة ابتزازاً كالذي مارسه اليهود ضد أوروبا طوال القرن الماضي بحجّة الاضطهاد والعنصرية ضد العرق السامي ومحارق الغاز، وهؤلاء كما النّعامة يدفنون رؤوسهم في التراب ويتجاهلون المخاطر المحدقة بلبنان!!

منذ توقيع لبنان في 22 أيار 1991 معاهدة الأخوة والتنسيق والتعاون مع سوريا، وهو يدفع ثمن العبء السوري، بل منذ دخول جيش الاحتلال السوري إلى لبنان في العام 1976، وما يتجاهله هؤلاء اليوم هو تحذيرات شديدة الخطورة تهدّد بانهيار لبنان، «أعداد اللاجئين السوريين لبنان إلى الهاوية» هذا تقرير نشر في العام 2014، وفيه حذر الوسيط العربي والدولي السابق الاخضر الابراهيمي من أنّ «النزاع لا يقف عند سورية، بل إنّه يزعزع أصلاً استقرار لبنان»، أما ممثلة المفوضية العليا للاجئين في الأمم المتحدة في لبنان نينيت كيلي فـ»حذّرت من أن وضع اللاجئين عبء رهيب على لبنان الذي يستقبل أكبر عدد من اللاجئين في العالم بالنسبة إلى عدد سكانه»، فيما أكدّت المفوضية العليا للاجئين في لبنان أنها تسجل «بشكل يومي 2500 لاجئ جديد، أي أكثر من شخص واحد كل دقيقة»!!

لا تهمّنا كثيراً تُهمة العنصريّة، إذ لا يوجد لبناني واحد اعتدى على لاجىء سوري، بينما يهدّد كثير من هؤلاء أمن لبنان وينتهكون أمنه وسلامة مجتمعة، ولا يهمني كثيراً إن اتهمتُ بالعنصريّة لأنني أدافع عن لبنان وحقّ مواطنيه الشعور بالأمن في مدنهم وقراهم، ثمة مناطق لا يجرؤ فيها السوريّون على التجول بعد المغرب من دون يافطات بلديّة مرفوعة ولم يجرؤ أحد على التحدّث عن هذه المناطق، مساندة اللاجئين السوريين تكون فعلاً لا قولاً، ولا ضرورة لأن يقدّم اللبناني كشف حساب لهؤلاء الإنسانيين لينجوَ من تُهمة «العنصريّة»!!

لسنا عنصريين، ولكننا لطالما دفعنا من أمن وطننا وأمننا ثمن أزمات الآخرين والمنطقة، وللمناسبة نقول لهؤلاء الذين  يوجهون لنا تهمة العنصريّة: «اخرسوا بقى»!!