IMLebanon

شرط الحل!

لم يكن منطقياً أن تُقدّم الهيئة العليا للتفاوض موقفاً باسم المعارضة السورية، أقل وزناً من «الموقف» الذي أظهرته المناطق المحررة من خلال تظاهرات يوم الجمعة الماضي، والقائل بأن سلطة بشار الاسد هي اساس النكبة وفروعها.. برغم كل ضجيج «الحرب على الارهاب».

وما قاله منسق الهيئة العليا رياض حجاب من ان على الاسد الرحيل في بداية المرحلة الانتقالية وليس في نهايتها، يعيد في الواقع تصويب النقاش باتجاه معنى الحل السياسي المفترض، عشية الموعد (المفترض بدوره) لاستئناف المفاوضات.. مثلما يعيد تصويب احداثيات الثورة بالاتجاه الاولي والمبدئي الذي حاول المحور المضاد، بكل الطرق والوسائل والاساليب، تحويره ونسفه، وصولاً حتى الى إظهار الاسد وكأنه «الضحية« وليس المرتكب الأول والمسبّب الأول لكل الفظاعات التي سجّلت على مدى السنوات الخمس الماضيات.

ما قالته تظاهرات يوم الجمعة الماضي، وما تبع ذلك بطرق متفرقة، هو ان السوريين في مجملهم هم ضحايا ارهاب «الدولة» بشقيها: الاسدي والداعشي. وان التفريق بين الأمرين هو لعب خارج النصّ. ولا يدل (في أسلس الاحتمالات) على نيّة جدّية في إقفال هذا المسرح العبثي الذي تُصلَبْ على خشبته أرواح السوريين، وتُدمّر ممتلكاتهم وأرزاقهم، وتُحرق بلادهم وديارهم، وتُعطّل دولتهم على مدى عقود آتية، فقط لانهم «اقترفوا جريمة» السعي للعيش بحرية في وطن حقيقي وليس في مزرعة حزبية فئوية لم يعد لها نظير في عالم اليوم.. حتى في كوريا الشمالية!

والواقع يقول، ان لا الهيئة العليا للمفاوضات، ولا الاحرار الذين نزلوا على الارض ما ان غابت «السوخوي» من السماء، ولا محور الضمير الاقليمي الداعم لهم بقيادة السعودية، يرتكبون خطأ استراتيجياً او يكررون حلماً رأوه في ليلة صيف، عندما يعيدون التأكيد على اولوية الانتهاء من بقايا السلطة الاسدية، إذا أريد لأي حل سياسي أن يصل الى مبتغاه.. فذلك أمر تعكسه الارادة السياسية والوطنية بداية، لكنه يستند الى حقائق لم تقوَ عليها اهوال «الممانعة» بكل هوياتها ومراتبها وجيوشها وميليشياتها وارتكاباتها، مثلما لم تقوَ عليها «عاصفة السوخوي» ولا استطراداتها التي حاولت بلف العالم والتهويل عليه بمواجهات كبرى وصلت الى حد التلويح بـ»النووي التكتيكي»!.

الشهور الاربعة الاخيرة قد تكون من اصعب ما مرّ على قوى المعارضة السورية، المسلحة والمدنية، لكنها دلّت وبأثمان بشرية ومادية كبيرة، على ان العودة بالوضع السوري الى الوراء هي خرافة تشبه ثلاثية «العنقاء والغول والخل الوفي». وان «الحل العسكري» الذي روّج له بانتهازية مريضة، محور الاسد ايران، على وقع الانزال الروسي والوحشية الاستثنائية التي رافقته، ممكن لكن بالاتجاه الآخر.. أي باتجاه كسر ذلك المحور طالما ان القناعة راسخة في الجهة المقابلة، بأن التماهي تام بينه وبين «داعش»، وبأن دحر الارهاب لا يعني شيئاً اذا لم يُدحر أصله وفصله بداية.. وهذا ليس سوى ما تبقى من سلطة أسدية.