أمام كل استحقاق تواجهه الحكومة تزداد المخاوف عليها وهي التي تعاني أصلاً أزمات متلاحقة، أساءت إليها كثيراً وجعلتها عاجزة عن القيام بأدنى واجباتها في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها البلد، ومع اقتراب موعد طرح التعيينات العسكرية على طاولة مجلس الوزراء والمتوقع في الأسبوع المقبل أو الذي يليه، وتحديداً في ما يتصل بتعيين قائد جديد للجيش، أو التمديد للعماد جان قهوجي سنة إضافية وأخيرة وهو المرجح أكثر من غيره، فإنه ينتظر أن يكون لوزيري «التيار الوطني الحر» موقف من هذه التعيينات وتحديداً في ما يتعلق بملف قائد الجيش، خاصة وأن النائب ميشال عون أعلن أكثر من مرة رفضه التمديد للعماد قهوجي ومطالبته بتعيين قائد جديد للجيش، وهذا الأمر سيعبر عنه الوزيران جبران باسيل والياس بو صعب في جلسة الحكومة عند طرح موضوع التعيينات العسكرية، في مقابل أن غالبية الوزراء وحتى وزراء «حزب الله» وحركة «أمل» موافقون على التمديد لقهوجي، وسط مخاوف من أن ينفذ عون تهديداته التي كان يطلقها في كل مرة ويعمد إلى سحب وزيريه من الحكومة أو دفعهما إلى اتخاذ قرار بالاستقالة أو الاعتكاف، في إطار الضغط على الحكومة لتستقيل وتتحول إلى تصريف الأعمال. والسؤال الذي يُطرح: هل يمكن أن يفعلها عون هذه المرة وما هو موقف حليفه «حزب الله» من خطوة كهذه؟
ترد أوساط وزارية مسيحية بالقول لـ»اللواء»، إن التمديد للعماد قهوجي حاصل والنائب عون يعرف ذلك منذ فترة، وبالتالي فإن لا مصلحة لأحد في تعريض الوضع الحكومي لمزيد من الاهتزاز في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان، وعليه فإنه ليس من الممكن بشيء أن يتخذ وزيرا «التيار الوطني الحر» أي قرار بالاستقالة، لأن ذلك لن يؤثر على عمل الحكومة، إلا إذا ساندهما في ذلك عدد من الوزراء واستقال ثلثا الحكومة، فعندها تتحول إلى تصريف الأعمال، مع أن هذا الأمر مستبعد، لأن معظم الوزراء يتفهمون المبررات التي تدعو للتمديد للعماد قهوجي على رأس المؤسسة العسكرية، وتالياً لا يجدون سبيلاً مقنعاً للتضامن مع وزيري عون، إذا ما قررا الانسحاب من الحكومة لسبب أو لآخر، ولذلك فإن الاتجاه الغالب هو لاستمرار عمل الحكومة، مع إمكانية تسجيل اعتراض من جانب الوزيرين باسيل وبو صعب على التمديد لقائد الجيش، في ظل شبه الإجماع الوزاري على هذه الخطوة، خاصة وأن الخشية كبيرة من تعميم الفراغ على كافة المؤسسات الدستورية، في حال استقالة مجلس الوزراء الذي يمارس صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة، ولذلك يحاذر الرئيس تمام سلام القيام بأي خطوة تضع البلد في المجهول، بالرغم ما يعانيه على رأس الحكومة، جراء الصعوبات العديدة التي تعترض عملها وغياب التضامن الوزاري المطلوب الذي يكفل تسيير العجلة الحكومية ولو بالحد الأدنى، لتمرير هذه المرحلة بأقل الخسائر الممكنة، ريثما تتحمل الأطراف كامل مسؤولياتها وتبادر إلى التوافق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية يخرج لبنان من مشكلاته ويعيد الاعتبار لمؤسساته ويفعل حضوره على المستويين العربي والدولي.
في المقابل، تؤكد أوساط نيابية في تكتل «التغيير والإصلاح»، أن معارضة التمديد لقهوجي مبدئية، كما عارض تكتل «التغيير والإصلاح» التمديد لمجلس النواب، باعتباره خياراً غير ديموقراطي، وبالتالي فإن الحكومة الحالية بإمكانها أن تعين قائداً جديداً للجيش، على غرار التعيينات الأمنية والإدارية التي قامت بها في الأشهر الماضية، ولذا فإن المبررات التي يحلو للبعض الحديث عنها في معرض الدفاع عن التمديد لقائد الجيش، ليست في مكانها الدستوري، خاصةً وأن في الجيش ضباطاً على مستوى عالٍ من المناقبية والكفاءة وبالإمكان اختيار أحدهم لقيادة الجيش.