IMLebanon

«كونفدرالية الطوائف».. من «مبطنة» الى معلنة بقانون للانتخابات  

تجاوز لبنان، أقله مرحلياً، الرسالة البالغة الخطورة أمنياً، التي تمثلت باشتباكات مخيم برج البراجنة الفلسطيني مع عائلات لبنانية في محيطه الملاصق له.. وقد لعبت القوى الأمنية والعسكرية وقيادات «حزب الله» و»أمل» والمنظمات الفلسطينية دوراً بالغ الأهمية في حصر الاشتباكات ضمن اطار ضيق والتوصل الى وقف هذه الاشتباكات وعودة «الهدوء الحذر» الى المنطقة، من غير ان يعني ذلك ان ما حصل لن يتكرر ثانية وثالثة، خصوصاً وأن ما تجمع لدى أجهزة أمنية متابعة يفيد ان احتمال نقل مشهدية عين الحلوة الى الضاحية الجنوبية لبيروت احتمال وارد، خصوصاً أكثر، ان أكثر من محاولة جرت في أوقات سابقة «لافتعال مشكل من هذا النوع لم يكتب لها النجاح..».

العيون مفتوحة، والاستعدادات العسكرية والأمنية الرسمية اللبنانية لمواجهة أي محاولة لنقل فتيل الفتنة من عين الحلوة الى الضاحية مكتملة العناصر ومعززة بقرار سياسي رسمي وحزبي.. خصوصاً وأن العيون الدولية مفتوحة على لبنان أكثر من أي وقت مضى، والوفود المتقاطرة الى لبنان للقاء المسؤولين تحذر من خطورة أي «دعسة ناقصة»، لاسيما وأن «الجبهة الداخلية اللبنانية ليست متماسكة بالقدر الكافي لتجنيب لبنان سيناريو «بوسطة عين الرمانة» في 13 نيسان 1975.. الأمر الذي دفع البعض الى المطالبة بوجوب ان تعيد الحكومة اللبنانية التداول في بحث «السلاح غير الشرعي» ابتداءً من السلاح داخل المخيمات الفلسطينية وغيرها.. وهي مسألة، في نظر كثيرين، وان كانت محقة ومطلوبة، إلا أنها مستبعدة حالياً لأكثر من سبب ولأكثر من اعتبار، على رغم الرسالة البالغة الدلالة التي جاءت على لسان البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، وحملته على «حزب الله» وسلاحه في توقيت لافت، دولياً وإقليمياً ومحلياً، ولبنان على أبواب استحقاقات رئيسية داهمة من أبرزها الانتخابات النيابية، لاسيما وان كثيرين كانوا يعتبرون ان العلاقة بين الصرح البطريركي و»حزب الله» جيدة ولا تشوبها شائبة..

لقد التزم «حزب الله» الصمت، وقد أوعز الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله الى جميع القيادات عدم التعرض للصرح البطريركي ولشخص البطريرك لا من قريب ولا من بعيد، والتعامل مع المسألة وكأنها لم تكن.. ليس لان لبنان، على باب الاستحقاق النيابي فحسب، بل لأن ليس في خيارات الحزب الدخول في صراعات وممحاكات داخلية على هذا المستوى كما ولقطع الطريق على أي محاولة لاستغلال كلام الراعي وتجييره في حسابات ومصالح فئوية وطائفية ومذهبية…

بالتقاطع مع هذه التطورات، تمضي الحكومة اللبنانية برئاسة الرئيس سعد الحريري في جلساتها لانجاز الموازنة العامة، وقد قطعت شوطاً مهما في ذلك، خصوصاً بعد الاتفاق على سلسلة الرتب والرواتب التي لم تحظ بموافقة غالبية المعنيين بها، وتحديداً على جبهة المعلمين.. ومع هذا، فإن الأنظار تتجه الى ما بعد هذه المرحلة، والجميع، بلا استثناء يؤكد، ان الحكومة ستتفرغ بعد اقرار الموازنة في مجلس النواب، الى مسألة الانتخابات النيابية التي تزداد غموضاً وتعقيداً لاسيما وأن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قطع الطريق أمام أي رهان على اجراء هذه الانتخابات بموجب القانون الساري المفعول، والمعروف بقانون الستين، بعدما رفض توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة الموقع من وزير الداخلية ورئيس الحكومة؟!

يلعب «التيار الوطني الحر»، (الذي كان يرأسه الرئيس العماد عون) برئاسة وزير الخارجية جبران باسيل، دوراً مميزاً في صناعة الصيغ لقانون الانتخابات العتيد، وهي صيغ لم تلق استجابة من غالبية الافرقاء السياسيين النافذين منهم والثانويين ورئيس «التيار» الوزير باسيل يعد لصيغة جديدة لم تتبلور بصيغتها النهائية بعد تقوم على «المناصفة الفعلية والحقيقية والثانية بين المسلمين والمسحيين» وان كان البعض يعتقد أنها ستعتمد صيغة «المختلط بين الأكثري والنسبي».. مع ترقب لافت لما ستكون عليه توزعات الدوائر الانتخابية، وفق «معيار تصحيح التمثيل المسيحي» الذي يتمسك به «التيار الحر» و»القوات اللبنانية» بحجة «رفع الظلم عن المسيحيين..» على ما قال وزير الاعلام ملحم الرياشي، الذي يؤكد، كما ونواب «التغيير والاصلاح» على أنه «لن تكون هناك انتخابات نيابية على أساس الستين، لأنه ظالم وجائر بحق المسيحيين.. ويمنعهم من تمثيل أنفسهم..»؟!

يقف كل فريق وراء متراسه، ويرفع الصوت محذراً من محاولات تحجيمه، وهي رسالة واضحة الدلالة، وتستهدف «المحادل الانتخابية» السنية منها والشيعية.. وقد إنضم «الحزب الاشتراكي» الى الخيار المبطن برفض تحجيم دوره والتقليل منه، مع فارق وهو ان الاشتراكي، وعلى لسان البعض منه، يرفع لاءات لا تتلاءم كثيراً مع لاءات الثنائي «التيار الحر» و»القوات»، من بينها «لا لقانون يوصلنا الى اتحاد الطوائف»..

ويقر الجميع ان المرحلة بالغة الغموض والبلبلة، وان احتمال التوافق على قانون جديد للانتخابات النيابية، في الموعد الدستوري، بات شبه مستحيل، وان الأخذ بصيغ «التيار» و»القوات» يعني تحويل لبنان الي «كونفدرالية طوائف» حيث تقوم كل طائفة او مذهب باختيار ممثليه الى البرلمان، على نحو ما كان «الارثوذكسي» يسعى اليه.. وهذا، يعني في قناعة عديدين من القوى السياسية، الوصول الى «دولة اتحاد الطوائف (كونفدرالية طوائفية) التي هي «مقتلة للوطن وللولاء الوطني.. وبداية نهاية الدولة اللبنانية..»؟ في ظل ظروف اقليمية – دولية تسعى الى اعادة ترسيم الجغرافية السياسية وفق «سايكس بيكو» جديد يوفر مظلة «ليهودية الكيان الاسرائيلي»..

الواضح ان لا حل إلا بالاتفاق على قانون جديد، لا الستين ولا الارثوذكسي، والجميع ينتظر ما سيعلنه الوزير باسيل في الأيام القليلة المقبلة، ليبنى على الشيء مقتضاه..