Site icon IMLebanon

«الثقة» تَستتِر بجدار الإسمنت… والدستور؟

 

بَدت «القوات اللبنانية»، عند الحادية عشرة والنصف من صباح أمس، مُمسكة ببيضة القبّان في حسم نصاب جلسة الثقة، الّا أنّ الأمر حسمه رئيس الحزب التقدمي الإشراكي وليد جنبلاط الذي بَدا مصرّاً على التمسّك بلقب بيضة القبّان، فرمى عصفورين بحجر واحد مُسدداً هدفين: واحد في مرمى القوات، وآخر في سلة سيّد المجلس، مسلّفاً صديقه دَيناً آخر، ومتأمّلاً من بري رَدّ الجميل في الايام العصيبة الآتية عليه والأغلب على جميع من بَصموا… «ثقة».

 

حضر نواب الديمقراطي واكتمل النصاب بوصولهم. لكنّ عنصر التشويق التالي أحدَثه رئيس مجلس النواب نبيه برّي الذي بدأ الجلسة قبَيل دخولهم، أي في حضور 58 نائباً فقط، وما زال اللغط حول دستورية الجلسة مستمراً حتى الساعة.

 

من على المنبر سارعَ بري الى التوضيح بأنّ «الاخوان في حزب القوات قادمين أيضاً و«سعد جايي على الطريق». الّا أن سعد لم يصل، بل حضر بعض نواب «كتلة المستقبل». كما أنّ القوات رفضت تأمين نصاب الجلسة «من حسابها»، فأحجم نوّابها عن الدخول الى القاعة العامة، معلنة انها لن تشارك في الجلسة قبل أن يتم تأمين النصاب.

 

مصادر مجلس النواب تقول إنّ بري دخل عندما أُبلغ انّ نواب «اللقاء الديموقراطي» باتوا في حرم المجلس وهم في طريقهم الى القاعة العامة. الأمر الذي قال بعض النواب انه ينطبق على 4 نواب من كتلة «التنمية والتحرير» تأخّروا بسبب قدومهم من المطار الى المجلس بعد مشاركتهم في مؤتمر في الخارج بطلب من الرئيس بري، وهم: ميشال موسى، علي مقداد، حسن عز الدين ومحمد الخواجة. فوصلوا بالتزامن مع نواب «اللقاء الديمقراطي» الأربعة، قبل ان يوافيهم لاحقاً النائب وائل ابو فاعور.

 

لكن هناك من يفتي كلام بري بأنه عندما يُبلَّغ رئيس المجلس بأنّ النواب في حرم المجلس وهم في طريقهم الى القاعة يحقّ له طَلب قرع الجرس ومناداة النواب المتواجدين خارج القاعة، علماً انّ إحدى مواد الدستور تقول انّ رئيس المجلس لا يدخل قبل اكتمال النصاب.

 

ثلاثية ؟

البعض شَبّه مشهدية التعطيل «بالاتفاق الثلاثي السري» الذي قد يكون متفقاً عليه سراً بين الكتل الثلاث: المستقبل، الاشتراكي والقوات! هذا بحسب بعض التعليقات التي تهامسَت في كواليس المجلس… على رغم أنّ بعضاً منهم قَطع وعداً بحضور الجلسة، الا انّ سيّد المجلس ربما فطن الى تردد الكتل الثلاث فسارعَ الى إخراج أرنب من أرانبه كان قد احتفظ به للمواقف المماثلة، فقُرع الجرس، واعتلى المنبر مُستبقاً الجميع، ومعلناً أنّ كتلة الإشتراكي آتية وأصبحت في محيط المجلس، وأنّ «الشيخ سعد جايي على الطريق». لكنّ الرئيس بري ربما لم يدرك حجم الضغط والحواجز البشرية التي أعاقت وصولهم، بالرغم من عوائق الدشم الاسمنتية.

 

هل تنكّر النواب ؟

أمّا النواب فبات عدد كبير منهم في الفنادق، والبعض وصل عند الخامسة فجراً، وهناك عدد منهم دخل الى حرم المجلس في سيارات الاسعاف، فيما تردد أنّ بعضهم تَنكّر بلباس الجيش والقوى الأمنية وفق شهود عيان، كما بات بعض النواب ليلتهم في مكاتب المجلس.

 

ضغط الثوّار

وبعد خلوة بين بري ودياب، كان عدد النواب قد وصل الى 57 عند الساعة الحادية عشرة. فانتظر بري حتى الـ11 و36 دقيقة، وقرر بعدها دخول القاعة في وقت كان بعض الثوّار يسعى بجهد الى عرقلة مواكب النواب عند بعض المداخل لمنع اكتمال النصاب، فيما علّق بعض النواب الموالين على المشهد بالقول: «لو كان هناك نية للنواب الذين تذرّعوا بالعوائق الأمنية لعدم الحضور، لكانوا وصلوا بطريقة او بأخرى».

 

فالنائب شامل روكز قال: «لن أدخل الى المجلس على جثث الناس». كذلك أبلغ تيار المستقبل برّي بأنه لن يعمد الى تأمين النصاب «دعوَسة على الثوّار»، أمّا التكتل الديمقراطي فسارَع الى الاتصال ببري مبرراً تأخره أو عدم حضوره بأنّ «الاعداد الكبيرة للثوّار والمواجهات الامنية تحول دون وصولنا الى المجلس».

 

بري مستاء

وتقول المعلومات انّ الرئيس بري استاء من الرئيس الحريري الذي وعده بالحضور، لكنه لم يحضر. وعلّقت بعض المصادر على انها ليست المرة الاولى التي يتصرّف فيها الحريري على هذا النحو. كذلك ابدى بري استياءً من نواب القوات اللبنانية الذين كانوا متواجدين داخل المجلس لكنهم أحجموا عن تأمين النصاب.

 

مصادر اللقاء الديموقراطي تقول لـ«الجمهورية» إنّ النية كانت اساساً بالتوجّه الى مجلس النواب ولم يكن لدينا نية بالمقاطعة، ولكن حال الطرقات والاجواء الامنية أخّرت وصولنا، الّا انّ النائب ابو فاعور صَرّح علناً بأّن الرئيس بري بدأ الجلسة قبل وصول كتلة اللقاء الديموقراطي.

 

أوّل الواصلين كان تكتل لبنان القوي من 23 نائباً وعلى رأسهم رئيس التكتل جبران باسيل. نجح بري في تقليص عدد طالبي الكلام الذي كان 46 الى 17، إثنان من كل كتلة بسبب الأجواء السائدة، فيما نجح الثوار في عرقلة وصول الوزير دميانوس قطار ورشقوه بالبيض والبندورة. واعتدى بعض الثوار على النائب سليم سعادة في محاولة لمنعه من الحضور، لكنه حضر بالرغم من إصابته وحَجَب الثقة.

 

وفيما امتعض الثوار من قدوم النواب المعارضين طالما كانت نواياهم حجب الثقة، تنامَت النقمة الشعبية ضدهم، وطالبوهم بعدم تمييع ثورتهم والمساعدة في قمعها. كذلك أصَرّ ابن الشهيد عمر ابو فخر وعمّه على دخول المجلس في وقت كانت المواجهات على اشدها في الرينغ. أمّا أبلَغ تعليق على السلطة عَبّر عنه ثائر قادِم من الجبل، كان قد احتمى بعلم لبنان للوقاية من خراطيم المياه ومن الاختناق بسبب كثافة الغاز المسيل للدموع، فقال: يبدو انّ القرار كان متّخذاً وصارماً، إذ لم تبخل السلطة على مواطنيها لا بالماء ولا بالغاز المسيل للدموع، فيما ردّ الثوار على القوى الامنية والجيش بقذف الحجارة التي لم يملكوا سواها للدفاع عن أنفسهم، محاولين إزالة السياج الشائك والدشم الاسمنتية التي استترت خلفها السلطة والثقة.