بدت حكومة حسان دياب في بيانها الوزاري مرتعبة من طرفين أبدت لهما سلفاً فروض الطاعة الشكلية لتمضي في استحضار نصوص التوازنات التي تحكم عمل حكومات الوصاية السورية وما تبعها من حكومات ما بعد الإغتيالات.
حرص نص البيان على الإفصاح ان وعوده نابعة من أن “اللبنانيات واللبنانيين عبروا عن غضبهم بوضوح وجرأة منذ 17تشرين الأول 2019، وطالبوا بحقوقهم (ولذلك) توصلنا الى تعهدات والتزامات واردة في بياننا الوزاري. ان المتطلبات والإصلاحات التي نعيها ونلتزم بها هي نابعة بالأساس من مطالب اللبنانيات واللبنانيين…”.
إلا أنّ هذا الالتزام بمطالب الانتفاضة لا يجد في تتمة النص ما يدعمه في تدابير تطالب الحركة الشعبية بإقرارها، خصوصاً في مجال حفظ أموال المواطنين وحقوقهم، واقفال مزاريب الهدر ومحاسبة سارقي المال العام والانتهاء من مجالس المحاصصة والفساد… أما في المطلب السياسي الأبرز، وهو إجراء انتخابات نيابية مبكرة، فتكتفي الحكومة بجملة من سطر واحد لا تعني شيئاً، فحواها العمل “على إدخال تعديلات وإصلاحات على قانون الانتخابات”!
بهذا التسطيح تستجيب الحكومة لمطالب الناس، لتسارع في المقدمة نفسها الى ربط ما يطلبه هؤلاء بما تريده الدول المانحة “لا سيما تلك التي يشملها مؤتمر “سيدر” فضلاً عن التقارير والدراسات المخصصة لشتى القطاعات (ماكنزي ضمناً) آملين أن تثبت خطتنا هذه دعائم الثقة لدى الشعب اللبناني والمستثمرين والمودعين والدول الصديقة والمانحة”.
لا تزيد بعض العناوين التفصيلية الأخرى في جدية النص الحكومي، خصوصاً مع انتقاله الى تكرار تلك الجملة العربية “المجعلكة” في تثبيت حق “حزب الله” بحمل السلاح والتي لا تقدًم ولا تؤخر شيئاً في الوقائع المحلية الحاصلة… “مع التأكيد على الحق للمواطنات وللمواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الاسرائيلي…”. ثم يبلغ التوازن الشكلي مداه في بند المحكمة الدولية “التي أنشئت مبدئياً لإحقاق الحق” (لاحظ مبدئياً) وفي بند اختفاء الامام الصدر ورفيقيه حيث ستدعم الحكومة “اللجنة الرسمية للمتابعة بهدف تحريرهم وعودتهم سالمين”!
فراغ مريع في البيان وثقة بالنفس تكاد تكون منعدمة، ولذلك استوجب الأمر عقد جلسة لمجلس الدفاع الأعلى لضمان أمن انعقاد جلسة الثقة ووصول النواب للتصويت على تكريس حكومة لم تنجح في كسب ثقة من حاولت تملقهم في الداخل والخارج، وإن كانت ضمنت رضى من صنعها تكليفاً وتأليفاً.