بعد الثقة الحكومية، يحتاج البلد الى ثقة تأخذ الى توقع النوايا الحسنة بالاتجاهين: الطبقة السياسية والمواطن، والعكس صحيح، بعيداً عن خصال اللبناني المزمنة في التشكيك والتوجس والريبة، على الطريق نحو استعادة الثقة، وإعادة البلد الى المسار الصحيح، وهو ما يبدو أنه جارٍ بدلالة الوقت القياسي في التكليف الحكومي، وصولا إلى التشكيل، ومن ثمّ الثقة بالبيان الوزاري، مع ما استتبعه من جدية في التعاطي مع الطروح.
ولعل أولى البشائر التي تفتح آفاق العمل للسنة المقبلة، على الرغم من بعض الاختلاف في الرؤى والمقاربات، أنّ العناوين الكبرى محددة، وعلى رأسها الوطني والانساني المتمثلَين بضرورة عودة الجنود المخطوفين الى عائلاتهم، والمعيشي المتمثل بتعزيز القطاعات الانتاجية في الطريق نحو حلحلة مشكلات مزمنة لن يكون آخرها ملف النفايات، والأخير حفر في السنتين الأخيرتين ثغرة كبيرة بين المواطن والمسؤول. والأهم الاتفاق على ضرورة اعتماد قانون انتخابي يجمع ولا يفرّق ولا يلغي، وكذلك الالتزام بالمحكمة الخاصة بلبنان، والمقاربة الجدية لملف النازحين، والكوتا النسائية..
وفي حزمة الآمال المبنية على تفاؤل اللبناني بالرقم «7» ، وعلى التفاهم والوفاق المتبادلين بين الأطراف والأحزاب والكتل والشخصيات السياسية، أن اللبناني استعاد ثقته بقدراته وبمكونات بلده، هو الذي استكان الى الفراغ فوقع في اللافعل»، واستكانت مؤسساته للفراغ فوقعت في الشغور، وكان على قاب قوسين من انفصاله عن محيطه لولا المحاولات الانقاذية التي أتت برئاسة وحكومة وأعادت تشغيل المحركات في عبورها الجسر الى ضفة كسب ثقة الشعب وثقة الآخرين.
وفي العبور نحو الثقة، بات النصاب التمثيلي وازناً وفائضاً، بما يسمح بانتظام عمل المؤسسات ودورة الحياة التي تتناغم مع المشهدية المستجدة، من تلك الزحمة الملحوظة في عداد الوافدين الى البلد، وبينهم سيّاح عيونهم على أبيض الجبال والبلد، الى الفنادق التي استعادت حركتها، والشوارع التي لبست حلة الأعياد، وقلب البلد الذي عاد لينبض زحمة وتعايشاً وتلاقياً في المخططات والمشاريع، وبينها الانساني الذي عاد الى الواجهة من جديد مضيئا على حالات إنسانية تنشد الصحة كما تنشد التكافل والدفء.. وفي البلد برغم الصقيع والعواصف، ثمّة طمأنينة ودفء مجتمعيان ومحركات على النار.. فهل من يحسن استثمار المرحلة ويبدي المزيد من التعاون والتضامن؟
الأيام المقبلة خير معيار، عسى تكون الـ2016 خاتمة عهد الشغور، والجسر الذي يأخذ الى قناعة تشكلت حديثاً، ومفادها:« أن تحظى بثقة الآخرين خير من أن تحظى بحبهم»، فكيف اذا تلاقت الثقة بفعل المحبة، حينها البلد بألف خير، والحصاد واعد.