Site icon IMLebanon

صراع بين «الكتائبيين الجدد».. والخائفين من «الانقلاب المخملي»

لا تتبدى ملامح الاستغراب على محيا عارفي الرئيس أمين الجميل حين يُستفسرون عن تردد الرجل في حسم موقفه من الاستحقاق الرئاسي المنتظر في حزب «الكتائب»، وموعده بات محدداً في 12، 13، و14 حزيران المقبل.

حتى اليوم، لم يعرف الكتائبيون، سواء كانوا من الحلقتين الضيقتين في قيادتي الأب والابن أو من محازبي القواعد، ما إذا كان المؤتمر العام سينتهي بترشيح أمين أو سامي. ليس لأنّ كلمة السر لم تخرج بعد من دارة بكفيا العتيقة، بل لأنّها لم تنضج بعد كي تُتلى على الملأ. لا تزل أسيرة الحسابات.

يقول عارفو الرئيس الأسبق، إنّه مطبوع بهذا النمط. لا يمكن سحب القرار بسهولة من فمه، فهو يشبعه أخذاً ورداً وتمحيصاً قبل أن يضعه على الطاولة. مسيرته السياسية والحزبية تحفل بشواهد كثيرة تثبت ميله الى تأجيل كلمته الأخيرة حتى اللحظات الأخيرة.

هكذا، من غير المتوقع أن يثلج قريباً صدور المتحمسين لتربع نجله الشاب على رأس الهرم الحزبي، وقد يترك الناقمين على هذا الانقلاب التوريثي للحزب، يتأرجحون على حبل الغموض، قبل أن يبلغهم قراره النهائي.

ولكن هذا لا يعني أنّ السكون يخيّم على البيت المركزي في الصيفي. لا بل ثمة ورشة انتخابية تُشغل بهدوء ويُحضر لها من دون ضجيج استفزازي.

عملياً، ثمة خطان من المعالجة يعملان بالتوازي: الخط الإداري الذي يتولى التحضير لأعمال المؤتمر، لا سيما لجهة المندوبين الممثلين للكتائبيين والذين يحق لهم التصويت في أعماله ونشاطاته الانتخابية، ويأخذ بعين الاعتبار السيناريوهين: أن يكون الأب مرشحاً أو الابن.

أما الثاني فهو الخط السياسي الذي يتولى، بعيداً عن الأضواء، دراسة الاحتمالين لجهة الإيجابيات والسلبيات التي قد يخلّفها كل قرار ومدى تأثير كل منهما على مسيرة الحزب ومصيره.

تضغط الدائرة المحيطة بسامي، ومعظم وجوهها من الشباب (أبرزهم: ألبير كوستنانيان، سيرج داغر، باتريك ريشا، ابراهيم ريشا، ساسين ساسين، وأحياناً سليم الصايغ)، باتجاه حصول عملية «التوريث المخملي» في القيادة، لاقتناعها أنّ هذا «الانقلاب» سيعطي الحزب دفعاً للانخراط أكثر في صفوف الشباب وسيتمكن من استقطابهم بكثافة.

مقابل هذه الأقلية المؤثرة، ثمة أكثرية ممتعضة من هذا الإجراء في ما لو تمّ، وإن كانت غير قادرة على فرض رأيها أو تغيير مجرى الأحداث. معظم هؤلاء يخشون من العهد الجديد، ليس خوفاً على نهج الحزب أو موقعه، لا بل على مواقعهم التي قد تتأثر فتسحب الكراسي من تحتهم بشحطة قلم، لصالح «الكتائبيين الجدد»، من دائرة الرئيس الشاب.

يصرّ هؤلاء على التمسك ببقاء الرئيس الجميل في سدّة الرئاسة وفي جعبتهم الكثير من الحجج والمبررات التي تدعم وجهة نظرهم، ولعل أبرزها الخشية من أن يأخذ الحزب في عهده الجديد صورة سامي المتفلتة من كل ضوابط، والمتهورة أحياناً، فيفقد الحزب كل صلاته بأرض الواقع.

عملياً، يستثمر رئيس الجمهورية الأسبق كل الوقت المتاح أمامه قبل أن يعلن القرار النهائي.

دفترياً، ما من عثرة انتخابية أو تنظيمية قد تحول دون إلقاء العباءة على كتفيّ الابن. وكل ما يحاول أن يقوم به ابن عمه نديم، من تجميع للمعارضات وللمتضررين من هذا الانتقال، لن يقدم أو يؤخر. بمعنى أنه لن يمنع اتمام الإنقلاب الأبيض. كل ما يمكن له أن يفعله هو تعزيز حيثيته في المؤتمر العام ورفع الصوت عالياً، حتى لو كان من دون تأثير.

هكذا تُفهم حركته في هذه الفترة. اتصالات جانبية مع كل ذي ضرر من وصول سامي الى أعلى الهرم. مشاورات مع بعض النواب الذين يخشون من محاولات الإطاحة بهم مستقبلياً، ولقاءات حزبية في كل مناسبة تفتح له أبوابها. فتراه مثلاً يشارك في احتفال اقليم البترون، وفي باله السعي الى تشكيل نواة معارضة يكون لها ثقلها في المؤتمر العام. ولكن أقصى ما يمكن لها فعله هو القضم.

بهذا المعنى تُرصد خارطة المندوبين الذين يشكلون أعضاء المؤتمر العام، السلطة العليا في الحزب، والذي سيتحول الى هيئة ناخبة في آخر أيامه. كيفية توزيعها على المناطق تعطي مؤشراً واضحاً لاتجاه المؤتمر في حال شهد تجاذبات عمودية عميقة.

وفق النظام الداخلي، يحدد عدد المندوبين تبعاً لآلية تأخذ بعين الاعتبار عدد المنتسبين على لوائح الشطب الحزبية وعدد الحاصلين على البطاقات الانتخابية، حيث يفترض أن تجري انتخابات المندوبين على مرحلتين: الأولى لأقاليم جبل لبنان (16 و17 أيار)، والثانية لبقية الأقاليم (23 و24 أيار).

وبالتفصيل، فقد تبيّن أنّ حصة الأسد كانت للمتن الشمالي كونه خزان الحزب فخصص بـ74 مندوباً، أقاليم بيروت (الأشرفية والمدور والرميل والصيفي) تراوح كل منها بين 6 و8 مندوبين، كسروان 22 مندوباً، جبيل ما دون العشرين، البترون فوق 15، زحلة 10 مندوبين…

بالنتيجة يفترض أن يكون مجموع المندوبين المنتخبين أربعة أضعاف ممن هم أعضاء حكميون كالنواب والوزراء ونواب الرئيس، رؤساء المصالح، رؤساء الأقاليم، رؤساء الندوات، رؤساء المجالس…

أما المحطة الثانية من الاستحقاق، فستكون لحظة يقرر أمين الجميل مصير رئاسته، ويفتح باب الترشح للمكتب السياسي.