IMLebanon

صراع في إيران على القنبلة والغرب

مسؤول غربي بارز معني بشؤون المنطقة ركز في لقاء خاص في باريس على ان المعركة الخفية الحقيقية المرتبطة بالمفاوضات النووية الإيرانية – الدولية، هي الصراع في إيران على مضمون هذه المفاوضات ومصيرها وعلى مستقبل الجمهورية الإسلامية بين تيارين رئيسيين ينشطان ويتحركان في ظل سلطة مرشد الجمهورية علي خامنئي:

التيار الأول، يمثله الرئيس حسن روحاني والفريق المرتبط به ويدعمه الإصلاحيون و”المحافظون الواقعيون” أمثال الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني وأنصاره. ويرى هذا التيار ان من الضروري والحيوي التصرف بمرونة وواقعية وتقديم بعض التنازلات من أجل إنجاز إتفاق نووي نهائي مع مجموعة الدول الست أميركا وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين والمانيا لأن هذا الإتفاق يحقق ثلاثة أهداف أساسية هي: أولاً – رفع العقوبات الأميركية والأوروبية والدولية البالغة القسوة المفروضة على إيران والتي أنهكت الأوضاع الداخلية في كل المجالات الحيوية. ثانياً – تحقيق تقارب ضروري ومطلوب مع أميركا والدول الغربية في مجالات عدة مما يعزّز دور إيران ونفوذها ومواقعها في الساحتين الإقليمية والدولية. ثالثاً – تمكين إيران من مواصلة تطوير برنامج نووي سلمي ضروري من أجل تحسين أوضاع الإيرانيين ومعالجة المشاكل الحادة المتراكمة في البلد ومن أجل تنفيذ إصلاحات أساسية في مختلف المجالات والقطاعات.

التيار الثاني، يمثله المحافظون المتشددون و”الحرس الثوري” والقوى المرتبطة به ويحذر من خطورة تقديم تنازلات جوهرية لأميركا والغرب في المفاوضات النووية ويتمسك بضرورة الإحتفاظ بالمكونات والعناصر الأساسية في البرنامج النووي من أجل إمتلاك القدرة على إنتاج السلاح النووي في مرحلة من المراحل. ويرى هذا التيار ان الهدف الحقيقي للدول الغربية هو إحداث إنقلاب في تركيبة الحكم الإيراني وتغيير طبيعة الجمهورية الإسلامية وسياساتها وتوجهاتها بطريقة تحد من خططها ومشاريعها في منطقة الشرق الأوسط وتدفعها خصوصاً الى الإنكفاء في الداخل ووقف صراعها مع الدول والقوى العربية المعتدلة ومع الغرب. ويرى المتشددون ان فشل المفاوضات النووية أفضل بالنسبة الى إيران من الرضوخ لشروط الدول الست التي تطلب من الإيرانيين الإكتفاء ببرنامج نووي سلمي وتنفيذ تغييرات جوهرية في تركيبة البرنامج النووي الحالي.

واستناداً الى المسؤول الغربي “فإن المرشد خامنئي لم يحسم الصراع بين هذين التيارين بل انه يقف في الوسط إذ يعطي الضوء الأخضر لروحاني وفريقه للتفاوض مع الدول الست ولتمديد هذه المفاوضات حتى حزيران 2015، لكنه في الوقت عينه يرفض تقديم تنازلات جوهرية ويتمسك بضرورة الإحتفاظ بالمكونات والعناصر الأساسية في البرنامج النووي التي يمكن أن تسمح لإيران بإنتاج السلاح النووي، ويرى ان فشل المفاوضات أفضل من الرضوخ لشروط الدول الغربية”. وذكر المسؤول الغربي “ان وزير الخارجية الأميركي سابقاً هنري كيسينجر لخص الوضع ببراعة إذ قال إن المفاوضات النووية تضع إيران أمام خيارين: اما أن تكون أمة ودولة وتتصرف بمرونة وواقعية وتقدم التنازلات الضرورية من أجل تسوية مشاكلها المعقدة وتحسين أوضاعها، واما أن تكون قضية وثورة متواصلة فترفض المرونة والتنازلات وتتمسك بمواقفها المبدئية المتشددة أياً تكن التضحيات والمصاعب والتحديات الخطيرة التي تواجهها”.

وضمن هذا النطاق شدد المسؤول الغربي الوثيق الصلة بواشنطن على مسألة رئيسية هي ان الرئيس باراك أوباما “أدرك منذ البداية ان صاحب القرار الأساسي في إيران هو المرشد خامنئي وان من الضروري تالياً محاولة التفاهم معه مباشرة. وعلى هذا الأساس بعث أوباما بأربع رسائل خطية الى خامنئي خلال السنوات الأخيرة رفض أن يقدم فيها تنازلات للإيرانيين، خلافاً لما يشاع، بل انه تمسك بالمواقف والمطالب الأميركية المعلنة وشرحها وأوضحها وركز على ضرورة تخلي القيادة الإيرانية عن مواقفها ومطالبها المتشددة ودعاها الى الإستجابة لمطالب أميركا والمجتمع الدولي وطمأنة دول المنطقة والعالم الى نياتها السلمية من طريق تنفيذ قرارات وخطوات وإجراءات محددة متفق عليها في المفاوضات. وشدد أوباما أيضاً على ان إنجازاً نووياً نهائياً مع الدول الست يضمن المصالح الحيوية لإيران ويعزز الأمن والإستقرار في المنطقة. ولكن بدا واضحاً في المفاوضات ان خامنئي يرفض نصائح أوباما”.