مع عودة أزمة النفايات الى الانفجار جراء تعذر التفاهم على وسائل الحل، وما اذا كان ثمة من هو على استعداد لأن يتقبل وجهة نظر الآخرين، كما هو حاصل بين الوزير أكرم شهيب وحزب الكتائب »لأن مكب برج حمود بعيد تماماً عما يفهم منه ان الاثنين في وارد القبول بالحلول المرجوة، ليس لأن وزير الزراعة المعني بملف النفايات أكرم شهيب لا يريد تلبية مطالب رئيس الكتائب سامي الجميل، بل لأن لا مجال للاستغناء عن مكب برج حمود، حتى ولو كانت الأمور في غير وارد الحل، بحسب وجهة نظر الكتائب؟
أما بالنسبة الى وجهة نظر الوزير، فإنها غير قابلة لتقبل ما يقترحه الجميل لجهة صرف النظر عن مكب برج حمود لأنه يتعارض مع أبسط قواعد وقوانين البيئة، فيما يرى شهيب ان لا مجال للاعتراض طالما ان المكب قائم على أساس حماية البيئة وليس العكس. ومن الآن الى حين ظهور رغبة مشتركة فإن الأمور بين الاثنين سائرة باتجاه تصعيد الناس، من غير ان تكون نية لدى المانبين لتسوية الخلاف بمعزل عن تبادل التحديات، خصوصاً ان الكلام بينهما انتقل الى ما يفهم منه ان هناك استعداداً للتصعيد؟!
لماذا مكب برج حمود وليس مكب »الكوستا برافا« الذي له من هو على استعداد لتصعيد مواقفه مثل النائب طلال ارسلان الذي لم يجد في دوره من يفهم على ما اثاره من انتقاد لأن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط هو من يتولى حماية »الكوستا برافا« من غير حاجة الى الرد على تحدي ارسلان، فضلاً عما يمكن قوله عن غيره من بنود أزمة النفايات لمجرد ان لا كلام لمزيد بين شهيب والجميل اللذين أظهرا تشدداً في التعبير عن آرائهما يكاد يصل بالموضوع الى حد التجريح والتنكيت المشترك، حيث الشكوى قد رفعت الى رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون من دون تحديد ما اذا كان الأخير مع أي طرف من الأطراف المتصارعة؟!
ومن الآن الى حين معرفة ما اذا كان الحق على شهيب او الجميل، هناك من يجزم بأن لا مجال لاقفال مكب برج حمود حيث تنتفي الحلول الأخرى، كي لا تتطور الأمور باتجاه »الكوستا برافا« في حال كان حل على حساب مكب برج حمود. وفي الحالين ثمة من يرى ان اعتراض حزب الكتائب لن يكتب له النجاح، فيما يبدو الوزير شهيب مرتاحاً الى طريقة تعاطيه مع هذا الملف الحيوي والملح، لأن ظهره مسنود بقرار من مجال الوزراء ولأن قرار الكتائب فقد تأثيره بعد الانسحاب من الحكومة.
صحيح ان الاحزاب الأرمنية تقف مساندة لحزب الكتائب في موقفه من مكب برج حمود، لكن ذلك لا يكفي وحده طالما ان الوزراء الأرمن في غير وارد الاستقالة، ما يعني ان لا تأثير أرمنياً وسياسياً الى جانب اقفال المكب، وأن لا مجال لنجاح الحزب في احداث تغيير في عمل المكب، فضلاً عن ان مجالات الصدام في الشارع ستبقى مفتوحة، ربما لأن هناك شهية لأن تتطور الأمور باتجاه المواجهة، من غير حاجة الى كثير تفكير في السلبية المرشحة للتصاعد؟!
وترى مصادر سياسية مطلعة أنه في حال تراجع الوزير شهيب عن تصلبه في موضوع مكب برج حمود، فإنه سيفتح الباب على مصراعيه أمام تحرك سياسي – حزبي وشعبي مماثل يهدف الى اقفال ملف »الكوستا برافا«، ما يؤدي الى المزيد من التصعيد بما في ذلك العودة بأمور النفايات الى نقطة الصفر، وهذا غير مستبعد حيث لا مجال لأن تتعاطى الدولة برأيين مختلفين في موضوع واحد، ربما لأن الحسابات المالية ستطرح بحسب وجهة نظر الشركات المعنية على حساب الشركات الأخرى حيث تلعب الأرقام دورها وهي تقدر بملايين الدولارات؟!
إن الاتهامات التي وجهت الى شركتي سوكلين وسوكومي لا تقدم ولا تؤخر في عمل مكب برج حمود، لأن الشركتين تعملان بشكل قانوني لا غبار عليه، وقد أصبح بوسعهما الادعاء على رئيس الكتائب لأنه حملهما مسؤولية العمل في مكب برج حمود، فيما يرتبط عملهما باتفاقات موقعة مع الدولة الأمر الذي يعني أنهما في وضع قانوني سليم. وما على رئيس الكتائب وغيره سوى مراجعة القضاء قبل أن تتطور الأمور بالاتجاه الذي سيسمح للشركتين بأن تربحا القضية على حساب خصومهما؟!
وإذا سلمنا جدلاً بأن حزب الكتائب مصر على اقفال مكب برج حمود، عندها لا بد من سؤال عن غير الغاية البيئية المرشحة لأن تتطور بشكل سلبي واسع الى حد التساؤل عن المكان الواجب رمي النفايات فيه؟!