مع نهاية شهر نيسان / ابريل الجاري يكون العهد الجديد قد أتمّ شهره الخامس اعتبارا من تاريخ انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية. ومن يعيد قراءة ما جرى من أحداث وتطورات ومتغيرات خلال هذه الفترة القصيرة من الزمن، والقصيرة نسبيا من عمر العهد، سيفاجأ، ليس فقط بزخم الأحداث وتزاحمها وسخونتها التي ترتفع باضطراد، وانما سيفاجأ أيضا بظواهر جديدة طارئة على الساحة اللبنانية، ظاهرها يبدو وكأنه امتداد للعاهة الطائفية القديمة، ولكن باطنها يعكس ما هو أدهى وأكثر مرارة وأشدّ خطرا مما كان يجري في كل العهود السابقة، ويضع البلد من جديد في أجواء مشابهة لتلك التي سبقت اندلاع شرارة الحرب الداخلية في لبنان، في منتصف سبعينات القرن الماضي!
***
المرحلة الأولى بعد الانتخاب الرئاسي انعكست فرحة غامرة خارقة للطوائف لتجاوز الشغور الرئاسي، ونتيجة شعور عام بأن شخصية الرئيس المنتخب وأهدافه المعلنة مطمئنة ومفيدة لأنها تندرج تحت عنوان الاصلاح والتغيير، وتعكس تفاؤلا بالمستقبل. صدمة التشكيل الحكومي أحدثت نوعا من النقزة، ولكنها كانت عابرة بعد انجاز اكتمال الحكومة ونيلها الثقة، وكانت هي المرحلة الثانية. ودخلت البلاد والمجتمع السياسي المرحلة الثالثة مع قانون الانتخاب. وفي البداية سيطر جو طبيعي من التنافس على طرح مسودات القوانين ومشاريعها، من منابر مختلفة، ورؤى متباينة، ويعكس كل منها وجهة نظر الجهة التي أعدّت المشروع وطموحاتها وحتى مناوراتها…
***
ظلّ الأمر عاديا وطبيعيا ومقبولا الى ان ارتفعت سخونة التراشق بالمشاريع الانتخابية في الآونة الحالية الى درجة الغليان. وتحوّل الكمّ الهائل من المشاريع الى نوع من المتاريس السياسية المتقابلة، وتحوّل الحوار في شأنها الى نوع من التقاذف بالمواقف الحادة وبنفَس عدائي مضمر! ولم يعد الحوار حول قوانين الانتخاب له أية صلة بما هو مطروح من مشاريع وأفكار، بل تحوّل الى مواجهة بين طرفين يضمّ كل منهما مكونات سياسية وحلفاء. طرف يقرأ البعض في سلوكه نزعة انقلابية تعكس ارادة منتصر ومهزوم. وطرف منتفض في وجه معركة تكسير الرؤوس! وهذا هو البعد الثالث الحقيقي الذي يظهر في الصراع اليوم حول قانون الانتخاب، ويتحوّل الى ورم غير حميد لا سمح الله!