فيما يقال ان حوار تيار المستقبل مع حزب الله تناول مجمل المواضيع التي تتباين الاراء بصددها، فان اوساطا مطلعة تقول ان مختلف المواضيع كانت مدار بحث كعناوين سيتطرق اليها الطرفان في الجولة الحوارية المقبلة في الخامس من كانون الثاني المقبل، كي لا يقال ان الجانبين قد اكتفيا بجولة «جس نبض» ليس الا، مع العلم ان جلسة الحوار الاولى كانت محل ترحيب بمجرد لقاء تيار المستقبل مع الحزب، لاسيما ان الانظار مشدودة في المقابل الى ما اذا كان بوسع القطبين المارونيين رئيس تكتل التغيير النائب ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع فعل ما حصل على الجبهة الاسلامية السنية – الشيعية»، كي يتحقق الانفراج المرجو، وكي لا يقال ان بوسع المسلمين تفاهم الحد الادنى بعكس المسيحيين
وفيما يقال ايضا ان لقاء عون – جعجع اصبح مسألة ساعات وليس مسألة ايام، هناك من يجزم بان بكركي والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي يعولان على ما سيحصل ويحضان الطرفين على تسجيل حوار منتج وايجابي، عملا بنصيحة الجميع على السواء، اقله بالنسبة الى حتمية انتخاب رئيس للجمهورية، بما في ذلك كسر الجليد الماروني – الماروني بما في ذلك العمل بمؤثرات الانفراج المرجو اسلاميا، وكي يقال ايضا ان بوسع قوى 14 اذار الرهان على اوسع مجال للتفاهم مع قوى 8 اذار.
صحيح ان ماعرف عن اوساط الرابية من استعداد لدى «الجنرال» لان يفهم حقيقة ما يريده «الحكيم»، لكن المعرفة المشار اليها تتطلب توازنا في التفكير السياسي المرتبط بمختلف الامور ذات الشأن العام، وكي لا يقال ايضا ان ثمة صعوبة في خلق اجواء تفاهم على القضايا المصيرية والوطنية العليا، وليس من يزعم ان الرجلين على بعد واحد من بعضهما، عندما تتحدث عن ثمن سياسي – نيابي واجب التسديد لاتاحة اوسع فرصة لانتخاب رئيس حتى ولو اقتضت الرئاسة الاولى تراجع احد الطرفين عن اصراره على الترشح بما في ذلك انسحاب الطرف الاخر مقابل مقاعد وزارية ونيابية في وقت واحد، من غير حاجة الى تجميد وساطة بكركي عند ثمن معنوي غير مباشر؟!
والاصح من كل ما تقدم ايضا ان الدكتور جعجع سبق له ان ابدى استعداده للانسحاب من المعركة الرئاسية شرط اختيار مرشح ثالث (غير النائب هنري حلو) وفي حال كان اتفاق «تفاهم الحد الادنى» بين الرجلين، عندها لن تكون مشكلة بقدر ما سيكون حل ايجابي في وقت قصير.
وهناك من يرى ايجابية مماثلة على صعيد تفاهم المستقبل – حزب الله، كي يترسخ الاتفاق الماروني – الماروني، وعندها سيكون انفراج حاسم بالنسبة الى قضايا خلافية من شأنها افهام من لم يفهم بعد ان حل معضلة رئاسة الجمهورية يفرض حلا على هامش التباين الاسلامي – الاسلامي، وعندها سيكون انفراج واضح على الصعيد العام، بما في ذلك خفض معدل الشروط والاثمان التي يطالب بها حزب الله مقابل تفاهمه الجدي مع المستقبل كل ما من شأنه ان يوطد عوامل التفاهم على القضايا ذات العلاقة بين مختلف فرقاء ساحة 14 اذار، والعكس صحيح في حال تم كسر الجليد بين حزب الله والقوات اللبنانية، وهذا الشيء وارد حتما بين مختلف احزاب قوى 8 اذار وقوى 14 اذار.
وفي حال كان بحث جدي في مرحلة ما بعد حوار المستقبل وحزب الله، عندها سيكون حوار الضرورة بين التيار الوطني عموما بما في ذلك تكتل التغيير وبين القوات اللبنانية وحزب الكتائب وقوى 14 اذار عموما، حيث يجب خلق مجال تقاربي وتفاهمي شمولي بين جميع المختلفين مع بعضهم، ولو بالنسبة الى الحد الادنى المرجو، خصوصا ان الساحة السياسية حبلى بالتباينات، فضلا عن ان مجالات التعافي متاحة في هذه الفترة الوطنية الصعبة بالنسبة الى الجميع على السواء، وهذا يجعل الجميع يعولون على الايجابية وليس اقل من ذلك كحد ادنى؟
السؤال المطروح: لماذا تأخر عون وجعجع عن تحديد موعد لجلسة حوار بينهما لتأتي النتائج متقاربة نسبيا من ضمن ما يجب القول عنه انه بادرة حسن نية واجبة ومطلوبة بالحاح في هذا الزمن الصعب، اضافة الى ان الامور الخلافية لا تحتمل انصاف حلول، بقدر ما تتطلب رهانا شموليا على مطلق ايجابيته، مع العلم ان زمن التباينات طال امده مع ما يعنيه ذلك من ضرورة حدوت انفراج مهما غلت اثمانه طالما ان النتائج لن تقتصر على جهة من دون اخرى، وهذا التصور لا يدخل ضمن التوقعات غير المنطقية التي سبق القول عنها «ان اللبنانيين متفقون على ان يبقوا على خلاف كي لا يخسروا اولئك الذين تاجروا بهم على مدى سنين طويلة؟!»