Site icon IMLebanon

الصراع على الحصص تبسيط لأزمة التشكيل والعقدة في مكان آخر

جرعة التفاؤل التي أطلقها إجتماع الرؤساء الثلاثة تلاشت بعد أقل من 24 ساعة

الصراع على الحصص تبسيط لأزمة التشكيل والعقدة في مكان آخر

بات واضحاً أن «حزب الله» لا يرضى بأن يقلّع العهد الجديد على الموجة السعودية

بمعزل عن الأجواء التي أُشيعت في أعقاب الخلوة الرباعية التي ضمّت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس حكومة تصريف الأعمال تمام سلام والرئيس المكلّف سعد الحريري بأن ثمة اتفاقاً قد تمّ خلاله على تسريع ولادة الحكومة، تقول مصادر سياسية مراقبة للتطورات التي تشهدها الساحة الداخلية منذ انتخاب رئيس الجمهورية أن تأخير الولادة الحكومية يُخفي صراعاً على هوية العهد الجديد والتوجهات السياسية التي تحكمه وكان رئيس حزب القوات اللبنانية أدقّ من عبّر عن هذا الأمر عندما أوضح أن المشكلة الفعلية التي تؤخّر التأليف هي أن بعضهم غير متقبّل للعهد الجديد ويعتقد بأنه جديد بالإسم فقط وكأنه يريد لرئاسة الجمهورية والعهد الجديد أن يكونا كما كانا أيام الوصاية السورية حتى أن هذا البعض لا يحتمل تدخل رئيس الجمهورية في التشكيلة الحكومية.

وتذهب مصادر أخرى أبعد من ذلك في تحديد الأمور لتؤشر صراحة إلى أن حزب الله الذي تحدث عن تضحية بقبوله عودة الرئيس الحريري إلى السراي الكبير ليس في وارد تسهيل عودة النفوذ السعودي إلى لبنان والتي بدأت بزيارة وزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان بيروت قبل الانتخابات الرئاسية ومباركة التسوية التي توصل إليها الفرقاء اللبنانيون واستكملت بزيارة أمير مكة خالد بن الفيصل إلى لبنان قبل يومين للتهنئة بنجاح هذه التسوية وانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية مع تحفّظ فريق 8 آذار باستثناء حزب الله الذي أجبرته التسوية على الالتزام بتعهداته السابقة بترشيح وانتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية حتى ولو تألّب العالم كلّه ضده على حدّ تعبير نائب أمين عام الحزب الشيخ نعيم قاسم والذي عاد وأكده الأمين العام نفسه بعد بضعة أسابيع وحاملاً معه دعوة من الملك سلمان بن عبد العزيز إلى الرئيس عون لزيارة المملكة. إن حزب الله لا يقرّ بهذا التحوّل السريع في الموقف اللبناني من القضايا العربية وهو سيتصدى لواقع عودة المملكة كراعٍ لكل اللبنانيين وعلى مسافة واحدة من الجميع بكل ما أوتي من قوة سياسية ومعنوية ما يعني تالياً أن الحزب لن يرضى بتركيبة حكومية لا تناسبه، وبكلام أكثر وضوحاً لن يرضى بأن يقلّع العهد الجديد على الموجة السعودية، خصوصاً وأن رئيس الجمهورية قَبِل دعوة العاهل السعودي، ووعد بتلبيتها بعد أن تنال الحكومة الثقة، وهذا من شأنه أن يبيّن الأسباب الحقيقية التي أفشلت لقاء الرؤساء الأربعة في القصر الجمهوري كما تظهر الأسباب التي حملت الرئيس برّي الذي فوّضه الحزب بشأن التشكيلة الحكومية يعرقل عملية التأليف التي تشكّل في حقيقتها انطلاقة العهد الجديد بالزخم المطلوب في هذه المرحلة التي جعلت اللبنانيين بأكثريتهم الساحقة توّاقين إلى مثل هذه الإنطلاقة لاستعادة الأمل بقيام دولة ووطن معافى في هذه المنطقة التي تتعرّض لمتغيّرات لا يعرفها إلا العالمون باللعبة الدولية، ويطرح على الرؤساء الثلاثة أفكاراً وشروطاً جديدة لا تقل في تأثيرها السلبي على ولادة الحكومة الجديدة على الشروط التي وضعها سابقاً بالنسبة إلى أن تكون حقيبة المالية من نصيب الطائفة الشيعية كمثل التمسّك بحقيبة الأشغال العامة، وإعطاء حقيبة أساسية وخدماتية لتيار المردة وإشراك الحزب القومي السوري في الحكومة العتيدة إلى شروط أخرى لم يفصح عنها لتبقى في يده لكي يرفعها في وجه رئيس الجمهورية والرئيس المكلف كلما اقتربا من الاتفاق على التشكيلة الحكومية وذلك بهدف إبقاء الوضع الحكومي في حالة المراوحة أطول مُـدّة ممكنة.

ورغم التفاؤل بقرب ولادة الحكومة الذي أعرب عنه الرئيس برّي في لقاء الأربعاء النيابي أمس، لكنه ترك الأبواب مفتوحة على كل الاحتمالات من خلال إشارته إلى المهمات الصعبة التي تنتظر هذه الحكومة في حال أبصرت النور قريباً وأصعب هذه المهمات إنجاز قانون للإنتخابات النيابية ووفقاً للنواب الذين نقلوا عنه ذلك أنه لا يزال متمسكاً بوزارة الأشغال ومصرّ على إسناد وزارة أساسية إلى تيّار المردة.

وهذا الكلام يسقط محاولة فريق من العاملين على خط تذليل العقبات من طريق تأليف الحكومة العتيدة، ويضع تفاؤلهم في موقع تبسيط الأمور وإبعاد الموضوع عن الأزمة أو عن العقدة الحقيقية التي تؤخّر أو تحول دون تشكيل الحكومة وتالياً تأخير انطلاقة العهد الجديد والمتعلقة بهوية هذا العهد، الأمر الذي يجعل الكلام عن تفاؤل وإن محدود بإمكان التوصّل إلى تسوية جديدة توفّر كل الأجواء المؤاتية لولادة حكومة العهد الأولى مجرّد تمنيات لا علاقة لها لا من بعيد ولا من قريب بالأسباب الحقيقية التي تعطل التأليف ولو إلى أمد، إلا إذا أعاد رئيس الجمهورية النظر في السياسة الداخلية والخارجية التي قرّر اعتمادها أو إذا تنازل وقبل بالثلث المعطِّل ضمناً كما يرتبه الرئيس المفوّض.