يعقد وزراء دول «أوبك» اجتماعهم في فيينا في نهاية هذا الشهر في محاولة لإزالة فائض الانتاج الموجود في السوق العالمية ومحاولة تنفيذ ما تم تبنيه في الجزائر منذ بضعة أسابيع. فكل الدول الأعضاء في المنظمة تسعى الى رفع سعر النفط. ولكن المشكلة أن الثقة مفقودة بين معظم الدول وفي طليعتها السعودية وإيران. أن تاريخ «أوبك» يظهر التزام السعودية قرارت انتاجها وإظهار أرقام انتاجها بوضوح، في حين أن إيران تبالغ دائماً بأرقامها حول قدرتها الانتاجية للمطالبة بحصة تفوق ما تنتجه. فهي تطالب بأكثر من ٤ ملايين برميل في اليوم في حين أنها لا تنتج أكثر من ٣.٦ مليون برميل في شكل مستمر لأنها تحتاج الى العمل على تطوير حقولها القديمة وجذب الاستثمارات الخارجية لذلك. والشركات النفطية العالمية تريد شروطاً جاذبة للدخول في هذه الاستثمارات. وهي حتى الآن حذرة جداً بالنسبة الى ذلك خصوصاً أن سعر النفط المتدني جعل الشركات النفطية تتحفظ في استثماراتها في أماكن ليست الشروط التعاقدية فيها مشجعة. وهناك ايضاً تنافس على حصص الانتاج بين العراق والكويت وفنزويلا. فعدد كبير من دول المنظمة يعطي أرقام انتاج بعيدة من الواقع للأمانة العامة للمنظمة التي كثيراً ما تعمد الى مصادر ثانوية للحصول على أرقام الانتاج الحقيقية للدول. وبعض الدول يتأخر في إعطاء أرقامه الانتاجية مثل ليبيا وإندونيسيا وإيران، والبعض مثل الغابون لا يعطي أرقامه. فكيف يمكن تنفيذ قرار الجزائر في ٢٨ ايلول (سبتمبر) بحد انتاج الدول الـ ١٤ الأعضاء في «أوبك» الى ما بين ٣٢.٥ مليون برميل و٣٣ مليون برميل في اليوم في ظل تنافس عدد كبير من الدول على حصصها الانتاجية لتفادي تحمل أي خفض من انتاجها. فكيف تحصل إذن على أسعار نفط أفضل في ظل هذا الوضع؟
روى وزير النفط السعودي السابق علي النعيمي في كتاب عن سيرة حياته الاستثنائية، من العائلة الفقيرة في الصحراء الى موظف في «ارامكو» ولاحقاً الى رئيس الشركة العملاقة ثم وزير نفط أكبر دولة منتجة في «اوبك» لـ ٢١ سنة، وأن أحد مساعديه سأله في تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٤ عن احتمال توصل «أوبك» الى اتفاق مع دول خارج المنظمة مثل روسيا والمكسيك والنرويج على اتفاق لتخفيض الانتاج وكان جوابه انه لا يوجد مثل هذا الاحتمال. فخبرة النعيمي طويلة مع روسيا وهو يدرك تماماً أن هذا المنتج الكبير يريد تحميل غيره عبء حماية الأسعار وأن الشركات النفطية الروسية لن تحد ولن تجمد انتاجها. وقد أكد ذلك ايغور سيشين رئيس شركة «روسنفت» الكبرى بعد ان صرح بوتين عن نية روسيا بالتعاون مع «اوبك». وجاء ذلك معارضاً لموقف الرئيس الروسي وانتاج «روسنفت» يمثل ٤٠ في المئة من الانتاج الروسي.
ان احتمالات الوصول الى اتفاق صارم داخل «اوبك» وبين المنظمة ودول خارجها تبدو ضئيلة حتى ولو ان الجميع محتاج الى زيادة العائدات المالية في بلده. ان ارتفاع الطلب وحده هو الذي قد يعيد التفاؤل بأسعار نفط أفضل. وحتى لو كان هناك اتفاق في فيينا حول ارقام الانتاج كثيراً ما تقوم معظم دول المنظمة بعدم الالتزام بحصتها من الانتاج. وكثيراً ما تلقي العبء على السعودية وهي أكبر منتج في المنظمة لتخفض انتاجها. الا ان السعودية ستسعى الى التزام حازم ولكن سيكون ذلك صعباً حتى لو ان الجميع يريد اسعار نفط مرتفعة. فأمل منتجي النفط أن يرتفع الطلب كي يزول الفائض وتتحسن الأسعار في الأسواق وهذا وفق المحللين متوقع في العام المقبل لذا توقع وزير الطاقة السعودي خالد الفالح أن تعود اسعار النفط الى مستوى ٦٠ دولاراً في السنة المقبلة بناء على طلب متزايد. فارتفاع الطلب هو العامل الحقيقي الذي قد يرفع سعر البرميل في نهاية الأمر.