انطلقت اعمال طاولة الحوار امس على وقع هتافات المشاركين في اعتصام رمزي للحراك المدني المطلبي، وسط انخفاض منسوب التوقعات بتوصلها الى حلول عملية تتخطى تنفيس الاحتقان الشعبي وتقطيع الوقت بانتظار اتضاح مآل التطورات الاقليمية وخصوصا احتمالات تقارب ما ايراني – خليجي بعد عبور الاتفاق النووي محطة مجلسي الشيوخ والنواب.
ففيما اعلن الداعي رئيس البرلمان نبيه بري ان البند الاول يتعلق بالرئاسة الاولى لكن عدم بته لن يحول دون الانتقال الى ما يليه، اصطف المشاركون وراء نقطتي انطلاق متباعدتين. الاولى لقوى 14 آذار، ومن ضمنها «القوات اللبنانية» التي قاطعت، وتتعلق بأولوية انتخاب رئيس للجمهورية يليه تشكيل حكومة جديدة واقرار قانون انتخابي فانتخابات نيابية مبكرة. اما الثانية فلقوى 8 آذار ويلخصها النائب ميشال عون بأولوية انتخابات نيابية فحكومة جديدة وانتخابات رئاسية، والا فانتخابات رئاسية من الشعب. ويبقى السؤال «اذا كان المجلس النيابي الحالي صالحا لاقرار قانون انتخابات او لتعديل الدستور فكيف لا يكون صالحا لانتخاب رئيس؟».
وفيما كانت الترجيحات تنتظر التئام جلسات الحوار يوميا، تحدّد موعد الجلسة التالية بعد اسبوع كامل، فيما يستمر الشارع في غليانه المطلبي المتمحور حول الفساد عبر ملفات آخرها ملف النفايات. ويحمّل الحراك المدني كامل الطبقة السياسية من دون تمييز مسؤولية استشراء الفساد، وهو ما جعل تحركاته محط انتقادات علنية احيانا وضمنية احيانا اخرى خصوصا من قبل «حزب الله» وعون، فيما ساندت «قوى 14 آذار« احقية المطالب وراهنت على وعي المنتفضين للحؤول دون استغلال تحركاتهم او مصادرتها من قبل قوى حاولت في بداية التحركات حرفها لتصل الى مطلب «اسقاط النظام».
ووصل الامر بالنائب نواف الموسوي الى رمي التحرك المدني بتهمة التبعية للاميركيين عبر تذكيره بتخصيص الولايات المتحدة سابقا مبلغ 500 مليون دولار لتشويه صورة حزبه والذي شبهه بتحميل الحراك المدني كل الاطراف السياسية مسؤولية الفساد على قدم المساواة.
اما عون فقد اتهم الحراك المدني بـ«سرقة» شعاراته باعتبار مشاركة وزرائه في حكومات السنوات العشر الاخيرة لا تتصل بدواعي هدر او فساد، خصوصا ما يتعلق بالرئيس الجديد لتياره، صهره الوزير جبران باسيل، في ما يخص ملف الكهرباء .
وقد جدّد عون وحليفه «حزب الله« مؤخرا الهجمات اللاذعة على ما يسمونه «الحريرية السياسية« التي يحمّلونها مسؤولية استشراء الفساد، بدءا من موعد تسلم الرئيس الشهيد رفيق الحريري مسؤولية الحكم عام 1992 عبر تحويله وسط بيروت «من ملك الدولة الى شركة خاصة»، علما ان الهدف التجاري لم يكن هو الاساس او الوحيد وراء قيامها بل اعادة اللحمة الى جناحي العاصمة عبر توحيد الوسط الذي شكل رمزا للانقسام خلال سنوات الحرب الاهلية.
وتجسد كمّ الحقد على «سوليدير« في محطات عدة آخرها عشية 29 آب على هامش تظاهرة الحراك المدني. وهو ما ظهر في الشعارات التي رفعت والبذاءات التي كتبت على صور الحريري وتمثال رياض الصلح. اذ رأى الموسوي «ان الاصلاح يبدأ من حيث انتشر الفساد وليبدأ من السوليدير نفسها ولتعد قلبا لبيروت وليس داون تاون».
اما تيار «المستقبل« وقوى 14 آذار، الذين انخرطوا في عملية تمديد ولاية المجلس النيابي حرصا على الحفاظ على مؤسسة دستورية مهمتها انتخاب رئيس للبلاد، فهم يواكبون بحرص مطالب الحراك المدني خصوصا في ما يتعلق بالدولة المدنية وبضرورة حل الازمات المعيشية ومنها الكهرباء بعد النفايات، فقد طالبوا المحتشدين في الشوارع بدعمهم لاقرار اقتراح القانون الذي صيغ في ايام حكومة الرئيس فؤاد السنيورة عام 2006 ويطالب بتدقيق دولي في جميع الحسابات منذ «اتفاق الطائف«.