Site icon IMLebanon

«المواجهة» العونية بدأت…

هل تهبّ العاصفة الصيفية العونية اليوم الخميس بعد أن ظهرت نوايا فريق 14 آذار صراحة وعلانية بابتلاع البلد والصلاحيات والحقوق المسيحية، وهل حان الوقت لتعديل «اتفاق الطائف» بما يعيد للمسيحيين حقوقهم المسلوبة منذ العام 1989 لا سيما صلاحيات رئيس الجمهورية والوجود المسيحي الفاعل داخل المؤسسات العامة؟! وهل أنّ التحرّك في الشارع سيُحقّق المطالب في حال أدّى التصعيد الى إسقاط حكومة الرئيس تمّام سلام أو شلّ عملها؟!

كلّ شيء حتى الآن يشير الى هبوب هذه العاصفة، وإن كان لتوقيتها محاذير عدّة، فتوتير الساحة الداخلية، والساحة الحدودية في حالة غليان، من شأنه بمفرده أن يخلق قلقاً شاملاً. وما قد يثير القلق أكثر، بحسب أوساط سياسية، هو أن يُشكّل التحرّك في الشارع مشهداً مماثلاً للتحرّكات التي تحصل منذ فترة ولا تلقَى آذاناً صاغية، من اعتصام أهالي المفقودين في السجون السورية في بيروت، الى أهالي العسكريين المخطوفين في عرسال وغير ذلك. غير أنّها تستدرك بأنّ التحرّك العوني سيكون مغايراً لأنّه لا يُطالب بتحرير أشخاص مغيّبين تسيطر عليهم جماعات معيّنة معادية لهم، بل باستعادة مطالب وحقوق مسلوبة منذ أكثر من 25 عاماً من قبل فريق سياسي يُفترض أنّه شريك المسيحيين في الوطن.

سيناريوهات عدّة تُرسم ليوم التحرّك الذي يتحضّر له الشباب العوني المدعوم ضمناً من التيارات والأحزاب المسيحية الأخرى التي توافقه الموقف حول ضرورة أن يستعيد المسيحيون حقوقهم بعد عقود من التهميش، بحسب الأوساط نفسها، أوّلها تجمّعات شبابية سلمية تشمل المناطق اللبنانية كافة تُطالب برفع الأيدي عن الحقوق، وتصل تدريجاً وتصاعدياً الى حدّ العصيان المدني لا سيما في المؤسسات العامة، وعدم دفع الفواتير والضرائب للحكومة، وما قد ينجم عن ذلك من مخاطر عليها.

ثانيها، التصعيد السياسي داخل جلسة مجلس الوزراء واتخاذ مواقف حاسمة وشديدة اللهجة من قبل وزراء «التيار الوطني الحرّ»، تصل الى حدّ الاستقالة من الحكومة في حال استمرّت ممارسة الرئيس سلام ووزاء 14 آذار على حالها من العرقلة والإعتراض ليس فقط على وضع بند التعيينات الأمنية على جدول الأعمال وإقراره قبل أي قرارات أخرى، فتصبح الحكومة مستقيلة وفي مرحلة تصريف الأعمال، إنّما أيضاً على رفض الشراكة الحقيقية ومحاولة فرض الموقف الآحادي الأزرق.

فما حصل من قبل فريق 14 آذار وأداء الرئيس سلام أظهرا أنّ المسيحيين «يستعطون» حقوقهم من شريكهم السنّي في الوطن، ولا يحصلون عليها سوى بالمعارك والمواجهة السياسية رغم أنّ «التيّار» ليس حزباً طائفياً ولم يشأ يوماً أن يُقسّم البلد على هذا الأساس. ولهذا لم يعد بالإمكان السكوت عمّا يجري، ولم يعد بالتالي بالإمكان العودة الى الوراء بعد أنّ أعلن «المستقبليون» الحرب دون أن يحسبوا نتائجها. ولهذا قرّر «التيّار» خوضها لأنّها باتت «معركة وجود» رغم علمه بأنّ الظروف الحالية غير ملائمة، لتوتير الأجواء الداخلية، وقد درس خطواته جيّداً ولن يٌقدم على خطوات إعتباطية وعشوائية، على ما يعتقد البعض ويروّج بأنّها لن تكون خطوات مأمونة ومضمونة النتائج.

على كلّ من يمسّ الوجود المسيحي أن يحسب حساباً لفعلته منذ الآن وصاعداً، تقول الأوساط عينها، إذ يكفي المسيحيون كلّ سنوات الصمت الماضية، وهم يجدون الطوائف الأخرى «تقضم» من حقوقهم، وكأنّهم ليسوا شركاء فعليين في هذا البلد، ولا يقومون سوى بالعضّ على الجرح علماً أنّهم هم أساس لبنان ووجوده في هذا الشرق. فإذا كان الفريق الآخر لا يزال حريصاً على شريكه المسيحي، أن يدعو الى الحوار والتوافق، سيما أنّه بات على علم أنّ الأمور بعد 9 تموز ستكون مفتوحة على كلّ الإحتمالات. أمّا في حال تمسّك بموقفه وأدائه فإنّ المعركة التي ستبدأ لن تنتهي ولن تصبّ في مصلحته مجدّداً.

ورأت الأوساط نفسها بأنّه جرى تفجير حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في السابق لكنّ رئيس الجمهورية العماد إميل لحود كان موجوداً، أمّا اليوم فالشلل الذي سيصيب البلاد سيكون شاملاً ويُشكّل سابقة من نوعها في حال لم يرفّ جفن الرئيس سلام لما سيُشاهده من احتجاجات ومقاطعة في الشارع وداخل المؤسسات كونه «يستقوي» بدعم دولة خارجية له، على غرار موقف السنيورة في العام 2007 الذي تشبّث بموقفه لأشهر عدّة ولم ينجح في نهاية المطاف.

«إشتدّي أزمة تنفرجي»، هذا ما يجده «التيّار» مؤاتياً اليوم لكي يحلّ مسألة التهميش الذي يعاني منه المسيحيون منذ «اتفاق الطائف» وحتى اليوم، فالمساومة اعتمدت واستيعاب الأمور كذلك، إلاّ أنّ شيئاً لم يتغيّر، ولهذا لا تراجع عن التحرّك والتصعيد الى حين التوصّل الى استعادة الحقوق وتعديل الطائف بما يعيد للمسيحيين حقوقهم المهدورة.

العاصفة العونية بدأت، وهي تنتظر الضوء الأخضر من رئيس «تكتّل التغيير والإصلاح» النائب العماد ميشال عون ومن المرجّح أن تحصد معها الأخضر واليابس ، لهذا لا بدّ من تداركها من قبل الطرف السنّي في البلاد، على ما أشارت الأوساط السياسية، والعمل على تقديم اقتراح أو مبادرة ما في اللحظات الأخيرة قبل فوات الأوان، إذا ما كان يخشى فعلاً من إدخال لبنان بكامله في عينها، لأنّ الجميع يعلم مخاطر الدخول في عين العاصفة على جميع الصعد.