Site icon IMLebanon

مواجهة بلا سقوف

… وكأنها جزء من الأقدار التاريخية، المواجهة اللامتناهية بين المملكة العربية السعودية وإيران.

بلغَ السيل الزبى. ضربَ التصعيد أقصى الحدود بين الجارَين اللدودَين. لا سقف للنزاع بعد اليوم. سقطت كل أسقف المواجهة بينهما على المستويات الأمنية والسياسية والإعلامية والعقائدية. وانهارت كل الحسابات والخصوصيات والإعتبارات، ولم يعُد هناك مداراة لا لقيادة إيران للعالم الشيعي، ولا لرمزية أو زعامة سعودية في العالم السنّي.

تتّهم الرياض جارتها بأنها تتدخّل في شؤون دول المنطقة وتُزعزع أمنها واستقرارها، ولا تلتزم حدودها. وفي المقابل تتّهم طهران السعودية بأنها «تحوّلت من العمل في صمت وفي الخفاء مالياً وأمنياً، الى التورّط المباشر عسكرياً وإعلامياً ومالياً وسياسياً، في الآونة الأخيرة، للخربطة وإجهاض الحلول» في المنطقة.

ما هو الوضع الميداني الآن؟

باتت المواجهة مفتوحة على مصراعيها، وهي بين محورين:

الأول يضمّ إيران و«حزب الله» وسوريا وحلفاءها.

الثاني يضمّ السعودية والولايات المتحدة الأميركية وحلفاءها. (وتضيف الديبلوماسية الإيرانية «داعش» والتكفيريين الى هذا المحور).

ولكن إلى أين يُمكن أن يصل هذا التصعيد؟

تجزم مصادر سياسية معنيّة أن لا عودة الى الوراء في هذه المواجهة، لا بل إنها سوف تذهب بعيداً وتتخذ آفاقاً ومدوّيات كبيرة في المنطقة.

أما انعكاساتها على لبنان فيمكن تلخيصها بالعناوين الآتية:

1- إن قَطع العلاقات بين إيران والسعودية لن يقطع الحوار القائم بين «حزب الله» و«تيار المستقبل»، وإن حصل أيّ تأجيل، فسيكون لأسباب تقنية. ويؤكد «الحزب» أنه لا يزال متمسكاً بهذا الحوار الثنائي لهدفين أساسيين، هما تحييد لبنان عن تداعيات النزاعات في المنطقة، وتخفيف الإحتقان بين السنّة والشيعة في لبنان.

2- لا شك في أن الأمور أصبحت أصعب من الماضي، وسقطت أي إمكانيّة للتسوية. ويذهب «حزب الله» الى أبعد من ذلك جازماً بأن «كل ملامح التسوية التي يمكن أن تأتي بسعد الحريري رئيساً للحكومة أصبحت من الأوهام».

3- لا إنعكاسات أمنية ولا شعبية. والإستقرار لن يُمسّ. والتصعيد الأخير لن يُلامس حدّ الأمن في لبنان. وهناك حرص متبادل على ضبط الساحة الداخلية والغرائز، خصوصاً وأن وظيفة الحوار الثنائي هي تخفيف الإحتقان وتحييد البلد عن التداعيات الإقليمية.

أما في المنطقة، فالنزاعات تتّجه الى مزيد من التصعيد عسكرياً وأمنياً الى مستويات جديدة. وتخشى الإدارة الأميركية أن تُعقِّد المواجهة السعودية الإيرانية الجديدة الجهود الديبلوماسية الأميركية في المنطقة لحل مختلف القضايا، من الأزمة اليمنية إلى الأزمة السورية، وأن تُهدِّد بمزيد من عدم الإستقرار في الشرق الأوسط.