IMLebanon

مواجهة الاحتلال والإرهاب عامل استقرار داخلي

كان من المفروض في حسابات العدو الاسرائيلي، ان تؤدي عملية استهداف موكب المقاومة في القنيطرة السورية الى خلخلة اضافية في الوضع الداخلي اللبناني، كادت ان تحصل لولا التبصر والحكمة عند بعض السياسيين الاساسيين من طرفي المعادلة الداخلية، برغم بعض أصوات النشاز القليلة غير المؤثرة هنا وهناك. ولكن جاءت عملية رد المقاومة في استهداف دورية عسكرية في مزارع شبعا، لتضع الوضع الداخلي في مرتبة افضل لجهة تأكيد توجيه البوصلة مجددا الى الخطر الاساسي والفعلي على لبنان، والى ان وضع مزارع شبعا المحتلة لا يزال هو الفتيل القادر على تغيير معادلات المنطقة كلها لو اشتعل.

تدرك كل اطراف الداخل اللبناني ان اسرائيل لا تزال هي عامل التفجير الاساسي في لبنان وفي المنطقة، خاصة بعد تبنيها الدعم العلني لبعض الفصائل الارهابية المسلحة في الداخل السوري، والتي باتت تعمل علنا على ضرب استقرار لبنان عبر استهداف الجيش والقرى اللبنانية عند الحدود الشرقية مع سوريا، وهو ما نبّه الكثير من القوى السياسية والرأي العام من كل المناطق والطوائف الى ان خطر اسرائيل والارهاب هو مشترك وواحد، وان مواجهته مشتركة وواحدة.

وترى اوساط سياسية متابعة انه بقدر ما نجح «حزب الله» في مواجهة الخطر الارهابي في الداخل وأحبط مشاريعه الفتنوية، عبر كشف هذه المشاريع للناس، نجح مجددا في استقطاب الجمهور اللبناني بمعظمه الى وحدة المواجهة ضد الاحتلال الاسرائيلي، بحيث ان كل الطاقم السياسي ايد عملية مزارع شبعا بشكل او بآخر باعتبارها ردا مدروسا ودقيقا ومؤثرا في الوقت ذاته على العدو وغير مؤثر على لبنان سلبا، وبحيث ان الرأي العام العالمي المتعاطف مع اسرائيل ارتبك في كيفية البحث عما يدين المقاومة فلم يجد لذلك سبيلا، فسعى الى ضبط الوضع ومنع التصعيد، وبقي يبحث عن عبارات مدروسة في بيان مجلس الامن «لا تقتل الديب ولا تُفني الغنم».

وتشير الاوساط الى ان «حزب الله» نجح ايضا في الاشهر الماضية بإرساء معادلة هدوء داخلية عبرعمله المدروس في مجلس الوزراء، وعبر الحوار مع «تيار المستقبل» ومع «حزب الكتائب»، بحيث بات عامل استقرار داخلي، بينما بات بعض خصومه عامل توتر دائم في افعالهم وفي ردات افعالهم. وهذا التوجه للحزب للتهدئة في الداخل، وعمليته المدروسة في مزارع شبعا، اسهما في ان يتفهم العالم عبر سفرائه في بيروت ان «حزب الله» ليس هو سبب التوتر في لبنان وفي المنطقة بل الاخرون في الداخل والخارج.

وفي اعتقاد المتابعين لحركة الحزب، فان المواجهة العسكرية التي يخوضها ضد اسرائيل والإرهابيين، تؤثر على الوضع الداخلي ايجابا من حيث خلق حالة اطمئنان لدى عموم الجمهور لجهة وجود من يحميه ويمنع اذى هذين العدوين عن لبنان، خاصة ان الاطراف التي طرحت نفسها حامية لهذا الفريق او ذاك تراجعت عن لعب دورها بحجة النأي بالنفس تارة، وترك تحرير الاراضي المحتلة للمجتمع الدولي، بينما اسرائيل تنفذ اجندتها في لبنان وسوريا وطبعا في فلسطين، من دون ان يردعها هذا المجتمع الدولي.

وبهذا المعنى ترى الاوساط ان نجاح المقاومة في مواجهة اسرائيل والارهاب يوفر عوامل استقرار داخلي، من شانه اذا تم البناء عليه ان يعجّل في معالجة بعض الملفات الداخلية المهمة العالقة، وهي المعادلة التي دامت سنوات في التسعينيات ونجحت في دفع لبنان الى الازدهار والاستقرار، بعدما فشلت اسرائيل عبر حروبها واعتداءاتها المتتالية في ضرب التفاهمات الداخلية وقتها، وصولا الى تحرير العام 2000.