الإنتهاء من داعش كتنظيم بات مسألة أسابيع معدودة. فـ«الدولة الإسلامية للعراق وبلاد الشام» تودِّع آخر معاقلها في سوريا بعدما قُضي عليها في لبنان وفي العراق. إلاّ أنّ هذا لا يعني، أبداً، نهاية الفكر الظلامي الذي إنبثقت منه هذه المجموعة المستحضرة من غياهب التاريخ الأسود! والواقع أن داعش هو وليد هذا الفكر الذي لا يقيم أي وزن أو شأن للإنسان الذي هو، في تقديرنا، المرتكز الذي بُنيت عليه الأديان… فقد قامت الرسالات السماوية كافة على قاعدة توفير السعادة والكرامة للإنسان إن في هذه الدنيا أو في الآخرة.
ولقد نكتفي بالقول المشهور للإمام عليّ كرّم اللّه وجهه، الذي قال عن الفرد البشري: «وتحسب أنك جرمٌ صغير وفيك انطوى العالمُ الأكبرُ». وهذا الكلام الفلسفي يكشف عن تقدير كبير للكائن البشري.
ونعود الى داعش لنرى أن سلسلة الأسئلة الكبرى لا تزال تطرح ذاتها… ولعلها ستبقى مطروحة بعد زوال داعش كتنظيم (وتكراراً ليس كفكر إرهابي سيظل صاحبه يرتكب الجرائم الإرهابية الفردية في مختلف أنحاء العالم). من تلك الأسئلة على سبيل المثال لا الحصر، الآتي:
أولاً – أين عشرات ألوف الإرهابيين الدواعش الذين سقطت مواقعهم في الأشهر الأخيرة؟ كيف تبخّر هؤلاء ليبقى منهم مجموعات صغيرة هنا وهناك وهنالك لا تتجاوز المئات؟
ثانياً – هل قتل هؤلاء الآلاف؟ وهذا مستبعد؟ وإذا كانوا قد سقطوا في المعارك فأين هي جثثهم؟!
ثالثاً – وهل كُتب على هذه المسألة أن تدخل في باب أسرار الآلهة، فيزداد الغموض غموضاً وتتضاعف الطلاسم؟!.
رابعاً – لماذا قال الأميركي قبل ثلاث سنوات إن «دولة» داعش ستستمر ما بين ثلاث وعشر وسنوات؟ ولماذا استمرت فقط ثلاث سنوات وليس عشراً؟
خامساً (واستطراداً) – كيف يمكن تفسير أنّ الدول الغربية تحديداً والأجنبية عموماً، والولايات المتحدة الأميركية خصوصاً نفذت سلسلة إنزالات جوية في مناطق تواجد الدواعش فسحبت منهم قيادات معروفة وطارت عائدة بهم الى بلدانهم؟
سادساً (واستطراداً على الإستطراد) – لماذا لم تلق الطوافات التي نفذت عمليات الإنزال أيّ مواجهة؟ فوسائط الإعلام الأميركية والأوروبية الغربية التي تحدثت عن عمليات الإنزال تلك لم تتحدث بكلمة واحدة عن اي مواجهة مع قوات «الكومندوس» التي جاءت لتجلي القيادات الداعشية؟ وهل يلزم الكثير من الذكاء وبعض العبقرية للتحدث عن «تنسيق» ما؟!
سابعاً (وقبلاً) – أي تفسير لعدم تعرّض قوافل داعش (داخل سوريا والعراق) التي كانت تنتقل، في مناطق صحراوية مكشوفة، بآلاف السيارات وناقلات الجند والسلاح الثقيل، من دون أن تحلّق طائرة واحدة فوقها من المقاتلات العائدة لعشرات دول الإئتلاف الذي أنشىء لمحاربة داعش والنصرة وأخواتهما؟!. ناهيك بأن تلك المقاتلات لم تطلق قذيفة واحدة على تلك القوافل بآلياتها وجيوشها الجرّارة!
ثامناً (وأخيراً وليس آخراً) – أي بلد (خارجي) سيتلقى، قبل غيره «هدايا» داعش الإرهابية من الدواعش العائدين الى بلدانهم؟!
… ومتى ستهتك أسرار هذه المرحلة المأساوية؟!.