IMLebanon

ارتباك حكومي وأمني وفوضى فكرية وفجور تظاهرة السبت: شعارات الأحزاب ستطغى ولا نتيجة

الحكومة مرتبكة لا تعرف أن تدافع عن نفسها، كل طرف فيها يتبع شعار “يا رب نجّ نفسي”، وكيف تدافع فيما فريق من داخلها يشارك في إطلاق النار السياسية عليها؟

عندما ترتبك ترتكب أخطاء، لا مفر من الإقرار بأن موجة فوضى فكرية ضربت الناس ووسائل إعلام إثر تحرك الشارع السبت والأحد الماضيين وما تلاهما. موجة أشاعت جواً من عدم ثقة وخشية عند الجميع، رؤساء ووزراء وسياسيون ووجوه جديدة في “المجتمع المدني” تضرب بمواقفها وتنظيراتها في السياسة المنطق والعقلانية معاً بعرض الحائط. مثلاً تنادي باستقالة الحكومة وتشكيل حكومة انتقالية تضع قانوناً للانتخابات النيابية تجري على أساسه الإنتخابات، بعد ذلك يُنتخب رئيس للجمهورية وتشكل حكومة جديدة طبيعية. أصحاب هذه الأفكار تعطى لهم الميكروفونات والشاشات ولا يكلفون أنفسهم عناء السؤال إلى مَن تقدم الحكومة الحالية استقالتها، ومن يُشكل الحكومة الإنتقالية في غياب رئيس للجمهورية؟ هل هذا جهل أو تواطؤ مع فريق من قوى 8 آذار؟ “الإثنان معاً” يجزم سياسي بارز لـ”النهار”، من غير أن يذهب إلى مهاجمة تحركات الشارع والداعين إليها علناً.

لكن كيف اندلع الحريق السياسي وهل انحسرت ناره ؟ “الناس غاضبون وعن حق ولا أحد يريد أن يسمع فماذا يفيد الكلام، حتى لو حلفنا على الكتب المقدسة؟ ” يقول مرجع بارز في الدولة في مجلسه . النفايات هي الفتيل، تكاد أكوامها تقتحم المنازل، وأيضاً الكهرباء المقطوعة وظروف الحياة الصعبة، ووُجد من يدعو الناس الغاضبين إلى التحرك احتجاجاً، وعندما تحركوا ارتفعت شعارات سياسية بلا أفق بلغت السماء، مثل تغيير النظام السياسي. نعم هو يحتاج إلى تغيير، ولكن هذه التحركات في الشارع لن توصل إلى شيء منه، يكفي أن قوة طائفية مسلحة ومن قلب النظام تستطيع التحكم فيها أو حرف مسارها حين تريد. ثبت ذلك بوضوح وتكراراً في الأيام الماضية.

مَن نفخ في النار؟ مروحة واسعة من السياسيين والشخصيات والمواقع الطامحة في الدولة وخارجها. “لا أستطيع أن أسمّي علناً ولا مصلحة. الأكثر سوءاً تحميل القوى الأمنية المسؤولية بعد الإعتداء عليها والسعي إلى الإستمرار في سحب ثقة اللبنانيين بها. ارتكبت أخطاء هي أيضاً؟ بالطبع ولكن ليس جرائم. من الأخطاء مثلاً في تظاهرة ليلة السبت الشهيرة تركيز عناصر مكافحة الشغب أمام الأسلاك الشائكة ، تمزق أجسادهم إذا تراجعوا فاضطروا إلى الضرب بقوة دفاعاً عن أنفسهم عندما هوجموا، وأيضاً أوامر صارمة بمنع المتظاهرين من تخطي شارع المعرض حتى لو كلف الثمن غالياً، لذلك أُطلقت النار ترهيباً. وزارة الداخلية تحقق جدياً في الأخطاء هذه وغيرها. وهي أخطاء إدارية إن جاز التعبير. المصابون؟ 169 قوى أمن بقي منهم اثنان في المستشفى، والمقابل 62 جريحاً من المتظاهرين بقي منهم اثنان في المستشفى، أحدهما أصيب برصاص مطاط عن قرب، والآخر بجسم صلب لكنه كان بعيداً عن مكان المواجهة، والتحقيق يتواصل لمعرفة الظروف. الموقوفون بلغ عددهم 60 أُطلق منهم 53 بسرعة وبقي 7 لأسباب غير التظاهر والإعتداء والتخريب.

نعم حصل ارتباك ، بدليل وضع جدار الإسمنت ثم سحبه، لكن المسؤولية عن ذلك سياسية. ثم إن قوى الأمن اعتدي عليها قصداً وعمداً. على من نعتمد في الأمن إذا استمرت محاولات تصويرها كعدوّ؟ ثمة فارق بين شكوى على مسؤول أمني أو عنصر، وبين إدانة شاملة لكل النظام. إلى أين يريد المشككون الوصول؟ بالطبع هناك قوى محددة أحاطت بالحركة المطلبية الاحتجاجية، وسيّرت مجموعات معينة في الساحة لإشعال نار الصدام من جهة. دفعت القوى هذه من جهة إلى رفع شعارات استفزازية تصعيدية تخوينية ومطالب بتغيير تعانق السماء ولا تصل إلى نتيجة. ما حصل ويحصل ليس ثورة ولا يشبه الثورات. أصلاً ليس في لبنان نظام قمع يستدعي الثورة عليه كما في سوريا والعراق وكما شاهدنا سابقاً في تونس ومصر وليبيا وسواها”.

الحكومة مرتبكة نعم والسياسيون أيضاً. ساهم في ارتباكهم جميعاً بعض الإعلام الفاجر والخوف من اتهامات بفساد ومحاصصة. كان يجب أن تقر التلزيمات لشركات جمع النفايات ومعالجتها. ليس صحيحاً أن المناقصات تضمنت مخالفات والنتائج أغلى مما يجب، ولكن من يسمع ومن يصدق إذا قلت هذا الكلام ؟ هناك سوء إدارة ربما وليس صفقات، يقول السياسي.

ماذا عن تظاهرة السبت؟ “شعارات الشباب الأبرياء سوف تذوب في شعارات الأحزاب”.