توافقات داخلية ودولية لحماية الاستقرار و«الستاتيكو»
التباسات التصعيد العوني وملابساته.. وسقوفه
هل كان للحياة السياسية اللبنانية الخصوصية نفسها لو لم يكن العماد ميشال عون احد اللاعبين فيها؟ هل كان احد لينشغل بملف التمديد للقادة العسكريين ويترقب ما سيصدر اليوم عن الاجتماع الاستثنائي لـ «تكتل التغيير والاصلاح»؟ هل كان أحد ليقلق على مسار الحكومة ومصيرها؟ هل كان من لا يزال يقيم الحسابات لنزول الناس الى الشارع والتظاهر اعتراضا؟ هل كان من يتابع مجريات أية انتخابات حزبية داخلية وينحاز الى فريق ضد آخر فيها؟
الاكيد ان الاجابة عن الاسئلة السابقة ستكون بالنفي. وهو نفي يفترض ان يُسجل في خانة الايجابيات. الا انه، مع الاسف، يُدرج في سياق مناقض.
فقد رافق الانفعال والتوتر خطاب العماد عون وسلوكه. حمل شعارات محقة وخاض تحت عناوينها حروبا مدمرة في مواقيت خاطئة. وهي حروب تتواصل الى اليوم بأشكال مختلفة. لم يخلع «العماد» يوما بزته العسكريّة. هي الحرب. دائما الحرب، حتى حين تكون نتائجها معروفة سلفا، وخاسرة سلفا.
حتى الصراع السياسي داخل «التيار» نفسه، والانتخــابات المرتقبة، على رغم جدية خلافاتها، ستنتهي في آخر المطاف بفوز احد اثنين: صهر العماد ووزير الخارجية جبران باسيل، او ابن شقيقته نائب بعبدا الان عون.
اليوم، يترقب المتــابعون موقــف «التيار الوطني الحر»، خصوصا بعد اجتــماعات ولقــاءات مكــثفة عقدت في الرابية، امس، للبحث في الخــطوات المفترضة. وفي حين يتكتم المسؤولون والمنســقون في «التيار» على طبيعة تصعيدهم، يجزم «عونيــون» أنه «سيــكون هنالك رد وموقف صلب، وضغط مفتوح على كل الاحتمالات».
في المقابل، يؤكد سياسي مسيحي أن «أي سقف للتحرك مضبوط بأجواء الانفراج والتلاقي والحوار المعممة. قد تكون مطالب عون محقة في المبدأ، لكن عند التعمق في تفاصيلها وترجمتها لا يمكن الا ان نجد فيها المصالح الشخصية والعائلية وفي احسن الاحوال الفئوية الضيقة. وهي فئوية لا تراعي البلد وتركيبته والهدوء المسروق لمصلحته».
يضيف «ما يرشح من الاتفاقات والتوافقات الدولية يفيد بأنه ليس مسموحا اليوم هز الاستقرار الهش في البلد. لكن في الوقت نفسه لن يسمح العماد عون ان يبدو كمن خسر كل نضاله ومعركته من دون ان يُحرك ساكنا. وبين هذين الحدّين لا بد من ايجاد مخرج يبقي على التوازنات والتحالفات في انتظار بلورة المشهد كاملا ما بعد الاتفاق النووي».
يرى السياسي ان «ما لم يلتقطه عون بعد، او ربما لا يريد ان يلتقطه، هو ان اي توافق ما بين حزب الله والمستقبل، يفرض امرا واقعا يصعب تجاوزه والقفز فوقه. قد يترك الطرفان لحلفائهما هامشا صغيرا للمناورة، انما ليس اكثر من ذلك. اليوم اتفق الاثنان ضمنا على التمديد للقادة الامنيين. وهو ما حصل. وهما يتفقان ايضا على ان لا مصلحة لاي منهما بانفراط عقد الحكومة. ولا مصلحة لاي منهما بتفجير الاستقرار. بالتالي هذا ما سيحصل. وما على العماد عون الا اللعب تحت هذين السقفين».
مصادر «التيار» التي تقول انها «سمعت هذا الكلام كثيرا»، تستغرب «كيف يمكن ان يفترض احد اننا نريد هز الامن او الاستقرار. هذا الكلام يدخل في باب تشويه الصورة والسمعة». وتسأل «اي نظام هذا تهز استقراره تظاهرة او حركة احتجاج واعتراض على مخالفة القوانين؟ وكيف يمكن الحرص على حكومة تعجز عن الوصول الى توافقات ولا تبادر الى البحث في مخارج للازمات واسبابها؟». وتضيف «أما القول ان اي اتفاق بين حزب الله والمستقبل يلغي قدرة اي فريق آخر على التأثير، فهذا، ان صح، يؤكد احقية مطالب التيار لجهة الحقوق المهدورة، وفي طليعتها حق الشراكة الكاملة في القرار للمسيحيين».
عود على بدء. كانت الحياة السياسية لتكون مملة لولا العماد عون.