IMLebanon

الكونغرس «يسأل» عن قانون العقوبات مثل اللبنانيين!

في الوقت الذي يغرق بعض اللبنانيّين في النقاش في قانون العقوبات الأميركية على مسؤولي «حزب الله» والمؤسّسات التابعة له ووسائل الخروج عنه، يبدو أنّ الكونغرس الأميركي سيكون أسرع بكثير من اللبنانيّين في مساءلة وزارة الخزانة عن مصيره والنتائج المترتبة عليه. فكيف السبيل الى هذه المفارقة؟

يُصرّ العائدون حديثاً من واشنطن على اعتبار أنّ الضجيج اللبناني المحيط بالقانون الأميركي الجديد للتضييق المالي على «حزب الله» ومسؤوليه على مستوى المصارف والمؤسسات المالية المحلية والعالمية لن يؤتي ثماره، خصوصاً إذا كان هناك مَن يعتقد أنّ بإمكانه إجراء أيّ تعديل عند البحث في كيفية النفاد منه أو تخفيف وطأته على مَن طاولتهم العقوبات حتى اليوم من مؤسسات وأفراد، أو أولئك الذين يمكن أن تطاولهم لوائح جديدة ستصدر عن وزارة الخزانة الأميركية قريباً.

ويضيف هؤلاء أنّ التدخل اللبناني جاء متأخراً على رغم معرفة الجميع بحجم التحضيرات التي سبقت صدور القانون الجديد. فالإدارة الأميركية كشفت عن التحضيرات التي سبقت إقرار القانون عقب القانون الذي سبقه والذي خُصّص لتجفيف موارد «داعش» المالية والنفطية ونظيراتها بعد إعلان الحلف الدولي في 11 ايلول 2015.

ولا يمكن للبنانيّين تجاهل المهل التي عبرت بالقانون الجديد من مجرّد فكرة الى قانون كامل المواصفات أقرّ في بداية العام الجاري في الكونغرس بمجلسيه، قبل صدور ما يسمّونه «التعليمات التطبيقية» في 15 نيسان الماضي، والتي وضعت القانون موضع التنفيذ العملي على مستوى الأنظمة المالية المحلية والإقليمية والعالمية.

كان لبنان يترقّب مخاطر القانون الجديد وغيره من القوانين التي أُقرّت على مستوى الأمم المتحدة والمجموعات الإقليمية الدولية التي درجت على تصنيف المؤسسات والجمعيات والحركات المسلّحة والهيئات الإقليمية والدولية على لوائح خاصة بالإرهاب او بأيّ تهم أخرى، وسارع إلى إقرار عدد من اقتراحات ومشاريع القوانين المالية والمصرفية التي تتحدّث عن التزام لبنان القوانين والأنظمة العالمية التي ترعى وتحدّد كيفية التعاطي على مستوى حركة الأموال بين الدول والمؤسسات المصرفية في العالم في الجلسة التي عقدت تحت شعار «تشريع الضرورة» في 16 تشرين الثاني 2015 وكان لا بدّ من أن يتحسّب للقانون الجديد.

لا يغفل زوار العاصمة الأميركية الإشارة الى أنه سبق لجمعية مصارف لبنان والبنك المركزي في بيروت أن تدخّلا في مرحلة سبقت إقرار القانون وتمكّنا من خلال مكتب قانوني ومالي كبير معتمد لدى الجمعية في واشنطن من تحسين بعض الشروط التي واكبت البت بالقانون الجديد في مجلسي الكونغرس، ما عُدّ انتصاراً محدوداً في ظلّ الإصرار والتشدد الأميركيَّين على إصدار القانون ليكون عقابياً بتناوله تفاصيل كثيرة متصلة بآلية إقفال أو فتح أيّ حساب ومراقبة حركة الأموال بين المؤسسات والأفراد بعد تصنيف دقيق يفصل بين العميل المصرفي المباشر إذا كان هو صاحب الحساب، والتثبّت من كونه مالكاً حقيقياً له أم أنه واجهة لمؤسسة أو عميل آخر ممّن تنطبق عليه صفة «صاحب الحق الإقتصادي» بالأموال.

وعليه، فقد جاء الحراك الأخير اللبناني متأخراً عن التوقيت المناسب، بعدما كان القانون قد أُقرّ وبدأت المراحل التطبيقية التي من الصعب أن ينجح أيٌّ كان فرداً أو دولة أو مؤسسة أن يغيّر في حروفه شيئاً. فما كتب قد كتب، وليس للسياسة أيّ موقع قدم على طريق مناقشة آليات العمل بموجبه وأحكامه المبرمة.

لذلك يقول العائدون من واشنطن إنه لا بدّ للمسؤولين اللبنانيين من التحرك، ففي الآليات التطبيقية مجال للتعديل خصوصاً أنّ الإدارة الأميركية التي تصرّ على حماية النظام المصرفي اللبناني وحماية لبنان في ظلّ التوتر المحيط به، أكدت أنّ العقاب الذي طاول «حزب الله» لن يطاول الشيعة عموماً، إذ قد يكون من بين المتعاطين مع الحزب ومؤسساته الدولية من غير الشيعة ومن غير اللبنانيين موطئ قدم في أكثر من دولة افريقية وفي أميركا اللاتينة وفي المناطق التي تتمتع بميزات «الجنات الضريبية».

وتدرك الإدارة الأميركية كما اللبنانيين المصرفيين والأمنيين، أنّ كلّ هذه المناطق هي موضع رصد على مستوى العالم أجمع بالتعاون بين الإدارة الأميركية والعديد من الهيئات الإستخبارية المالية والإقتصادية والأمنية، وكلها شبكات تتلاقى في مكان ما لتصب في قنوات محدّدة بات العالم بالنسبة اليها قرية صغيرة موضوعة تحت الرقابة المشدّدة.

فللولايات المتحدة قوانين أخرى تعمل على تطبيقها في العالم لرصد حركة مواطنيها قبل غيرهم من المجموعات السياسية والحزبية والإرهابية وهي تلاحق مواطنيها على سبيل المثال لا الحصر بموجب قانون «فاتكا» الخاص بتحصيل الضرائب على الأموال المتأتية عن املاكهم وثرواتهم اينما وُجدت خارج الأراضي الأميركية.

وتجدر الإشارة الى أنّ زوار العاصمة الأميركية اطلعوا قبل ايام على عودتهم الى بيروت، على طلب تقدم به عدد من أعضاء الكونغرس الأميركي الى وزارة الخزانة الأميركية يسألون فيه عن المراحل التطبيقية للقانون وما طبق منه وما هي النتائج المترتبة عليه من ضمن المساءلة الدورية لمراقبة القوانين الصادرة عن الكونغرس والتي على وزارة الخزانة الأميركية وغيرها من المؤسسات التنفيذية تطبيقها وتقديم جردة عن النتائج المترتبة عليها من ضمن البحث عن جدوى إقرارها ووفق الأهداف التي رُسمت لها.