IMLebanon

ضمير!

 

يصعب تصديق المدى الذي بلغه غياب الضمير لدى صاحِبَي إحدى الشركات التي تبيع المواد الغذائية، منتهية الصلاحية، مما يدخل في غذاء اللبنانيين يومياً، وربما غير مرة في اليوم الواحد. إنَّ أقل ما يُقال في هذين المجرمين، اللذين ضبطتهما شعبة المعلومات بالجرم المشهود، أنهما فاقدان كلياً الضمير، والحس الوطني، والحدّ الأدنى من الإنسانية. كما أنهما فاقدان الحدّ الأدنى من الأخلاق! باختصار إنهما مجرمان موصوفان، صحيح أنهما ليسا الوحيدين في هذا الإجرام، إلاَّ أن تنوّع المواد الغذائية الفاسدة التي يزوّران تاريخ صلاحيتها يضاعف من الجرم الذي ارتكباه.

 

هذه المرّة وقع المجرمان في قبضة جهاز أمني مشهود له بالفاعلية والبراعة.. أما السؤال الذي يطرح ذاته، وبإلحاح: كم مرّة سبق لشركتهما أن مارست هذا الإجرام قبل أن تضبط بالجرم المشهود؟! وكم هو عدد الشركات التي ترتكب جرماً مماثلاً؟!.

 

والشركة، التي تعود ملكيتها الى مجرمين حقيرين، تتعامل مع الناس بسلّة ضخمة من المواد الغذائية، وكانت عملية التزوير (لتغطية فساد المواد الغذائية) تُـجرى في »مكانين مختلفين« من كسروان، على حدّ ما أنبأتنا المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، والمواد الغذائية الفاسدة التي تروجها الشركة تشمل المربيات على أنواعها، رقائق البطاطا، رب البندورة، الخضار المشكلة المعلّبة، الفول، الحمص، الباذنجان المتبل، فيليه السمك، الأجبان، الخضار المثلّجة، الفواكه المثلجة، الزبدة والعسل (…) وأيضاً كميات من مبيدات الحشرات والقوارض.

 

أي أنَّ الشركة تقدِّم لمائدتنا اليومية المواد التي من شأن فسادها أن يتسبّب بتداعيات صحيّة أكيدة من بينها الاضطرابات المعوية والتسمّم وأحياناً ما ينتج عن بعض ذلك من وفاة!

 

ولقد لفتني كم أنَّ فاقدي الضمير في الشركة يبلغ بهم الجشع وأكل المال الحرام، حدّ التوصل الى إنشاء خزان سعة ألف ليتر لانتاج الخلّ! ولكن أيّ خلّ؟ هل هو خل العنب؟ كلا! هل هو خلّ التفاح؟ كلاّ! إنه الخلّ الذي ليس خلاً! إنه سُمٌّ زُعاف كونه مزيجاً من الماء والأسيد! أجل الأسيد الحارق، القاتل!

 

يا قوم، هذا يتجاوز الفهم والعقل! ولو؟ أمن أجل المال الحرام هناك مَن يبيح لنفسه أنْ يُلحق الضرر والأذى القاتلين بالناس؟

 

من قال للمجرمين أنَّ أبناءهم أو أقرباءهم عموماً لن يتناولوا من تلك المواد الفاسدة على مائدة أحد، أو في مطعم أو؟!..

 

إننا لم نختر هذه الجريمة في «شروق وغروب» اليوم من باب سرد العملية الجرمية التي ستجد مكانها داخل الجريدة، إنما لنحذّر من أي تلاعب! وذروة التلاعب واللفلفة تكون إما بإخلاء السبيل بكفالة مالية لا توازي ثمن صندوق شرائح سمك فاسد! وإما بالأحكام الوهمية أو المخففة!

 

يا ويلكم من الله أيها المجرمون!