لن يتعب الرئيس سعد الحريري من استصراخ «الضمائر الحيّة» لإيقاف مسلسل السباق إلى الفتنة، فيما بعض «الضمائر النائمة» تستمر في الركض نحوها، بأفعال تصبّ الزيت على نارها، من الخطاب التحريضي ضدّ الاعتدال اللبناني والعربي، على نحو ما أطلّ به الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله أول من أمس، إلى الإصرار على التورّط المذهبي في الحريق السوري، وما بينهما من ممارسات سلاح «الأمر الواقع»، وتعطيل الدولة لمصلحة «الدويلة».
مجدداً، يحاول الرئيس الحريري إيقاظ «الضمائر النائمة» في زمن استيقاظ «خلايا الإرهاب النائمة»، بحثاً عن «صحوات وطنية» تنقذ لبنان، وتحمي جيشه وشعبه، من أفعال «مقاومته» التي تضحّي بالوطن على مذبح الدفاع عن بشار الأسد الذي ينفّذ تهديده بإشعال لبنان، كلما اقترب من السقوط.
والأخطر اليوم، أنّ «حزب الله»، وباسم هذه المقاومة، يكابِر على مأزقه، ويصرّ على الغرق بالرمال السورية، التي لم يحصد منها إلا «انتصارات وهمية» يدفع ثمنها كل اللبنانيين، من أهالي الضاحية الذين استُهدفوا بالتفجيرات الإرهابية وما زالوا يعيشون خطرها، إلى أهالي عرسال الذين عاشوا أياماً صعبة على وقع حصار بلدتهم من قِبَل «حزب الله» ومن ثم احتلالها من قِبَل المسلحين، من دون أن ننسى الأيام الصعبة التي يعيشها أهالي المخطوفين العسكريين، أو تلك التي عاشتها طرابلس والضنية وعكار مؤخراً.
من هنا، فإنّ ميزان استدعاء الحريق السوري إلى لبنان سيبقى «طابشاً» لمصلحة «حزب الله»، مهما اجتهد إعلامه الحربي في دعايته لـ«إقامة توازن طائفي لبناني في الحرب السورية»، يبرّر المشاركة المسلحة لـ«حزب الله» في هذه الحرب. أقلّه، فإنّ «النعوش» العائدة يومياً من سوريا إلى مناطق «حزب الله» في الضاحية والجنوب والبقاع، تضبط هذه الدعاية بـ«الجرم المشهود» وتردّها إلى أصحابها، مع عدم الشكر، في ظل خلو مناطق «تيار المستقبل» من أيّة «نعوش» تعود إليها!.
وكما هو معلوم، فإنّ دعاية الإعلام الحربي هذه، تكيل بمكيال مذهبي بغيض، ضدّ مناطق الطائفة السنّية، لكنها أعجز من التأثير على خياراتهم، فـ«أهل السنّة»، وعلى الرغم من كل ما أصابهم في السنوات الماضية، لم ينجرّوا يوماً، لا إلى منطق «حزب الله»، ولا إلى «الدعوات المشبوهة» من هنا وهناك، بدليل ما أفرزته أحداث صيدا وعرسال وطرابلس من حقائق تاريخية ثابتة، بأنّ «أهل السنّة» براء من أي «مجموعات ضالّة»، وأنهم مهما حصل فلن يكونوا في يوم من الأيام أهلاً لـ«داعش» أو لـ«النصرة»، لطالما كانوا ولا يزالون أهلاً للدولة وللاعتدال ولمؤسسات الشرعية وبيئةً حاضنةً لها.
يبدو أنّ كلام الحريري الموجّه إلى «أهل السنّة»، موجّه أيضاً بالقدر نفسه إلى «أهل الشيعة»، كي يكونا معاً، في وحدة مواقف، في مواجهة كل مَن يريد أن يزجّ بهما في الحرب الدائرة على الأرض السورية بين تطرّفين، تطرّف «داعش» و«النصرة»، وتطرّف «حزب الله»، أو أن يستجلب هذه الحرب عبرهما إلى لبنان.
اللهم أن الحريري قد بلّغ، مرّة جديدة، لكن هل مَن ينصت في «حزب الله» للبلاغ هذه المرّة، ولا يتنصّل منه، كما فعل في كل المرّات السابقة؟!
() منسق عام الإعلام في «تيار المستقبل»