أيّ جلسات حكومية وأيّ جلسات حوار، ولأيّ لبنان، ما دام شلل «الديموقراطية التوافقيّة» التي ابتدعتها «الثنائيّة الشيعيّة»، وفرضها حزب الله بقوّة السلاح هي التي تحكم لبنان؟ هل من الضروري بالأمس أن يصرّ دولة الرئيس تمام سلام على عقد جلسة لمجلس الوزراء لحكومته المصابة بشلل وعجز تام، هل يتحمّل البلد «مشكل» سياسي؟ ولنفترض جدلاً أنّ المقاطع هو حزب الله هل كانت لتنعقد جلسة بالأمس؟! ألم يكن من الأجدى أن يعلن سلام ومن باب الحرص على خاطر فريق مسيحيّ تأجيل الجلسة، «حبكت» صلاحيات «رئيس الحكومة» المنزوعة بقوة السلاح منذ شلّ حكومات متعاقبة بفضل الوصاية السورية منذ تسعينات القرن الماضي.
تتوزّع «الثنائيّة الشيعيّة» الأدوار منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري وفرضها بقوّة السلاح منذ 8 آذار تعطيلاً للدستور اللبناني وشللاً في الحياة السياسيّة اللبنانيّة، فكانت بدعة «الديموقراطية التوافقيّة» التي نصّت عليها «الوثيقة السياسيّة» لحزب الله والتي نجح من خلالها في «فرض» دستور يتوافق و»أجنداته» على لبنان دولة وشعباً: «الديموقراطية التوافقية تبقى أساس الحكم في لبنان ما لم تُلغ الطائفية السياسية»…
يُدرك كثير من اللبنانيين أن حزب الله ملتزم بيانه التأسيسي الأول بحذافيره، ويطبق بالحرف تعليمات «الوليّ الفقيه»، ويُدرك اللبنانيّون أن إيران سبق وطرحت المثالثة متخذة من نسبة عددية سبباً لهذا الطلب، وحزب الله يريد المثالثة، وأنه ورث النظام السوري في تهديد المسيحيين بالحديث عن «إلغاء الطائفية السياسيّة»، وهنا علينا الالتفات صوب الوثيقة السياسية التي سبق وأطلقها حزب الله خلال الأعوام الماضية والتي وضع فيها قاعدة نهائية لحكم لبنان ألغى بموجبها سلطة الرئاسات الثلاث واضعاً عنق لبنان تحت سكين مثالثة بالإكراه إلى حين تمكنّه من فرضها عبر تعديلٍ جذريّ على اتفاق الطائف!!
ونصّت الوثيقة السياسيّة لحزب الله على: «فإنّ الشرط الأساس لتطبيق ديموقراطية حقيقية من هذا النوع هو إلغاء الطائفية السياسية من النظام، وهو ما نص «اتفاق الطائف» على وجوب تشكيل هيئة وطنية عليا لإنجازه(…) وإلى أن يتمكن اللبنانيون ومن خلال حوارهم الوطني من تحقيق هذا الإنجاز التاريخي والحساس – نعني إلغاء الطائفية السياسية – وطالما أنّ النظام السياسي يقوم على أسس طائفية فإنّ الديمقراطية التوافقية تبقى القاعدة الأساس للحكم في لبنان (…) إنّ الديموقراطية التوافقية تشكّل صيغةً سياسيةً ملائمةً لمشاركة حقيقية من قِبَل الجميع»!!
يضرب اللبنانيون كفاً بكفّ هذه الأيام مرددين «مين جرّب المجرّب كان عقلو مخرّب»، ويتأملون براعة الرئيس نبيه بري في استدراج الجميع إلى طاولة حوار ما قبيل اندلاع «مشكل» ما في البلاد، اما المضحك ـ المبكي في «الديموقراطيّة التوافقيّة» التي فرضها سلاح حزب الله، فيكمن في أنه يتمسك بها في كلّ شؤون تعطيل البلاد سواء كان داخل الحكم أم خارجه، فتعيين حاجب في مؤسسة حكوميّة يحتاج إلى إجماع وديموقراطيّة توافقيّة، أما سلاح حزب الله وجبخانة صواريخه وتسلّحه وحريته في اتخاذ قرار إدخال لبنان وشعبه في أتون حروب مدمّرة من لبنان إلى سوريا والعراق واليمن فهذا لا يحتاج إلى إجماع وطني ولا حتى «ديمقراطية توافقية» على خيار الموت والدمار والدماء !!